إعرف دينكمعلومات عامة

نية صيام القضاء وصيام التطوع

تعرف على نية صيام القضاء وصيام التطوع

نية صيام القضاء وصيام التطوع

نية صيام القضاء وصيام التطوع

النية في العبادات هي جوهر العمل، وهي التي تحدد قبول الفعل عند الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»، وبهذا الحديث الشريف نفهم أن الصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو عبادة للقلب والجسد والروح معًا، تتطلب قصدًا صادقًا لله تعالى.

سنتعرف في هذا المقال على نية صيام القضاء وصيام التطوّع، مع توضيح تعريفها، أحكامها، ضوابطها، وكيفية تطبيقها عمليًا، كي يكون المقال دليلاً لكل باحث عن الفهم الصحيح للصيام.

مفهوم النية في الصيام

تعريف النية

النية في اللغة هي القصد والعزم في القلب على فعل شيء، أما في الاصطلاح هي القصد القلبي لأداء عبادة معينة طاعة لله تعالى، فلا يُقبل العمل إلا بالنية الصادقة، وهي شرط لصحة الصيام، سواء كان فرضًا أو نافلة.

تعريف الصيام

  • صيام الفرض كصيام رمضان، وهو واجب على كل مكلف بالغ وعاقل.
  • صيام القضاء هو صيام ما فات من أيام رمضان بسبب عذر شرعي أو بسبب الفطر بدون عذر، وهو واجب.

  • صيام التطوُّع (النافلة) هو صوم اختياري مثل صيام ستة من شوال، أو الاثنين والخميس، أو يوم عرفة، ويهدف إلى التقرب إلى الله وزيادة الحسنات.

العلاقة بين النية والصيام

النية هي روح الصيام، وبدونها يصبح الصوم مجرد امتناع جسدي لا يُحسب عبادة، وقد أكدت دار الإفتاء المصرية على أن النية شرط لصحة الصيام ويجب تبييتها قبل الشروع في الصوم، أي قبل الفجر.

نية صيام القضاء وصيام التطوع

نية صيام القضاء

تعريف نية القضاء

نية صيام القضاء هي أن يعزم المسلم في قلبه على صوم يوم أو أيام فاتته من رمضان، أو أي صيام واجب لم يقضِه سابقًا مثل: «نويت أن أصوم غدًا قضاءً عن يومٍ من رمضان لله تعالى».

أحكام نية القضاء

  • تحديد النية، فيجب أن تكون النية في القلب واضحة بأن الصوم قضاء.

  • تبييت النية، حيث أنه من الأفضل أن تُبيت من الليل قبل الفجر، لكن إذا تعذر يمكن تبييتها قبل الإمساك.

  • اليقين وعدم التردد، فيجب أن يكون العزم جازمًا، فلا تصح النية المعلَّقة أو المترددة.

  • العمل بعد النية، فيبدأ الصائم بالامتناع عن المفطرات بعد تبييت النية.

 حالات عملية

  • إذا أفطر يوم القضاء بغير عذر ثم قرر استكمال القضاء في اليوم التالي يجب التعجيل بالقضاء.

  • إذا تأخر القضاء بدون عذر حتى دخول رمضان آخر، فقد يلزم الكفارة مع القضاء بحسب بعض الفقهاء.

نية صيام التطوع

تعريف صيام التطوع

صيام التطوُّع هو الصوم الذي لا يُفرض على المسلم، وإنما يقوم به طمعًا في الأجر والقرب من الله تعالى مثل:

  • صيام ستة أيام من شوال

  • صيام الاثنين والخميس

  • صيام يوم عرفة أو يوم عاشوراء

أحكام نية التطوُّع

  • يجب أن تكون النية لله تعالى.

  • يمكن عقد النية في النهار قبل المفطرات، وليس من الضروري تبييتها من الليل كما في القضاء.

  • إذا كان التطوع مخصصًا (مثلاً يوم عرفة)، فيجب تعيين النية بوضوح.

  • يجوز الجمع بين نية التطوُّع ونية القضاء بشرط أن يُحدد كل صوم على حدة لضمان صحة العبادة.

هل يجوز الجمع بين نية صيام القضاء وصيام التطوع؟

اختلف العلماء في حكم الجمع بين نية صيام القضاء وصيام التطوّع في يوم واحد، ولكن الراجح عند كثير من أهل العلم أنه لا يُستحب الجمع بينهما؛ لأن الصيام الواجب – كقضاء رمضان – يحتاج إلى نية خالصة مخصوصة بالفرض، والنافلة لا تُجزئ عن الفرض. فالأكمل والأفضل أن ينوي المسلم قضاء ما عليه أولًا حتى يبرأ من ذمته، ثم يصوم التطوع بعد ذلك في أيام أخرى، قال العلماء: «الفرض لا يقوم مقامه غيره، ولا يُشرك في نيته معه».

ومع ذلك، فقد أجاز بعض الفقهاء أن ينوي المسلم صيام يوم القضاء ويحتسب معه أجر صيام يوم نافلة موافق له مثل الاثنين والخميس، بشرط أن تكون النية الأساسية للقضاء؛ لأن الواجب مقدم على التطوع، وبذلك يُرجى له ثواب القضاء، ويطمع في نيل ثواب التطوع من فضل الله الواسع.

هل يجوز جمع نية صيام القضاء مع الأيام البيض من شعبان؟

صيام الأيام البيض من شعبان عبادة عظيمة وثوابها كبير، لكن القضاء واجب يجب على المسلم أداؤه بنية مستقلة؛ لأن الفرض مقدم على النفل، ولذلك أفتى جمهور العلماء بأن الأفضل والأكمل أن يفصل المسلم بين النيتين، فينوي القضاء في أيام، ثم يصوم التطوع في أيام أخرى، حتى يخرج من عهدة الفرض بيقين، وينال فضل النافلة كاملًا.

ومع ذلك ذهب بعض أهل العلم إلى جواز الجمع بشرط أن تكون النية الأساسية لصيام القضاء، ثم يرجو المسلم بعد ذلك فضل صيام الأيام البيض؛ لأن الواجب إذا اجتمع مع النافلة قُدّم الواجب بنيّة تخصه، ويبقى فضل التطوع من رحمة الله الواسعة.

هل يجوز الجمع بين نية صيام التطوع والقضاء عند الشافعية؟

بيَّن فقهاء الشافعية أن النية لا بد أن تميز بين الفرض والنافلة، فلا يقوم صيام التطوع مقام صيام القضاء، ولا يصح إدماج نية الفرض مع نية النافلة بنية واحدة؛ لأن الفرض آكد وأعظم حرمة، ولذلك قالوا: “ولا تُجزي نية صوم النفل عن صوم الفرض؛ لاختلاف الجهتين، فالفرض لا تسقط ذمَّة المكلف عنه إلا بنية تخصَّه” (المصدر: مغني المحتاج 2/166 – في الفقه الشافعي).

لكن ذكر بعض الشافعية أيضًا أنه إن نوى القضاء فقط في يوم من أيام التطوع الموافقة (مثل الاثنين أو الخميس)، فإنه يحصل له ثواب القضاء أصلًا، ويرجى له ثواب التطوع تبعًا؛ لأن من نوى الفرض دخل فيه ما سواه، لكن بشرط عدم دمج النية أو تقديم النافلة على الفرض (المصدر: تحفة المحتاج 3/445 – في الفقه الشافعي).

وبذلك يبقى المسلم على جانب السلامة في عبادته، ويؤدي ما افترضه الله عليه قبل أن يتطوع بالنوافل.

هل يجوز تغيير نية الصيام من القضاء إلى التطوع؟

أجمع العلماء على أن صيام القضاء عبادة واجبة تحتاج إلى نية مخصوصة، وأن الفرض لا يُجزئ عنه إلا نية خاصة به، ولذلك لا يجوز عند جمهور الفقهاء أن يغيِّر المسلم نيته أثناء النهار من صيام القضاء إلى صيام التطوُّع؛ لأن شرط صحة القضاء هو استمرار نية الفرض من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإذا غيَّر الصائم نيته إلى نافلة، أصبح صومه باطلًا عن القضاء، ولا يجزئ عن الواجب.

وقد قال الإمام النووي – رحمه الله – في المذهب الشافعي: “لو نوى الفرض ثم قلبها نفلاً لم يجزه عن الفرض”

(المجموع شرح المهذب 6/289)، كما قرر ابن قدامة – رحمه الله – في مذهب الحنابلة: “الفرض لا يجزئ إلا بنية تخصَّه من أول النهار، ولا تصح نيته إلى غيره” (المغني لابن قدامة 3/109).

في الختام، بعد أن تعرفنا على نية صيام القضاء وصيام التطوع والأحكام المتعلقة بهما، نجد أن النية هي روح الصيام سواء في القضاء أو التطوع، والتزام النية الصحيحة يضمن قبول العبادة واغتنام الأجر الكامل، ويؤكد حرص المكلف على أداء الواجب قبل التطوع، والأفضل دائمًا إتمام صيام القضاء بنية مستقلة، ثم التطوع في أيام أخرى مع مراعاة توجيهات الفقهاء، والاستفادة من فضل الأيام البيض وست شوال والعشر الأوائل من ذي الحجة.

نسأل الله أن يوفقنا للصيام المقبول، وأن يعيننا على الإخلاص في النية والعمل، وأن يرفع عنا التقصير ويجعلنا من الصائمين القائمين على طاعته.

المصدر

1، 2، 3

زر الذهاب إلى الأعلى
Index