من سيرة السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها..حارسة القرآن
سيرة السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها والدروس المستفادة منها
في صفحات التاريخ الإسلامي تتلألأ أسماء الصحابيات الجليلات اللاتي كان لهن دور بارز في نصرة الإسلام ودعم رسالته، ومن بين هؤلاء العظماء تتصدر السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مكانة متميزة، فهي ابنة الفاروق، وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وحافظة القرآن الكريم، وصاحبة الإيمان الراسخ.
نستعرض في هذا المقال سيرة السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنهما مع توضيح دورها في بناء المجتمع الإسلامي، والدروس المستفادة من سيرتها رضي الله عنها.
نشأة ونسب السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنهما
وُلدت السيدة حفصة رضي الله عنها قبل البعثة بخمس سنوات، وقبل الهجرة بثمانية عشر عامًا في مكة المكرمة، وكانت قريش تبني البيت الحرام، ونشأت السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في بيت فاروق الأمة، والخليفة الثاني للمسلمين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب القوي في عدله ورحمته، والناسك الورع.
وأمها زينب بنت مظعون أخت الصحابي الجليل عثمان بن مظعون رضي الله عنه، وأخوها العابد الزاهد عبد الله بن عمر الذي قال عنه الحبيب صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ عَبدَ اللهَّ رَجُلٌ صَالِحُ” (رواه البخاري)، وعمها زيد بن الخطاب الذي شهد بدرًا، واستشهد يوم اليمامة، وعمتها فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها من السابقات للإسلام زوجة سعيد بن زيد، وهو من العشرة المبشرين بالجنة.
كانت طفولة السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها في بيئة تقدس القيم السامية والشجاعة في مواجهة الباطل، وذلك انعكس على شخصيتها لاحقًا، وعندما دخل والدها في الإسلام كانت حفصة شاهدة على التحول العظيم في حياتهم، حيث عاشت مع والدها مراحل الدعوة الإسلامية المختلفة بدءًا من اضطهاد قريش للمسلمين وحتى الهجرة إلى المدينة المنورة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن والدها: “إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه” (رواه الترمذي)، ومن هذا البيت العريق استمدت حفصة قوتها وثباتها.
لقد كانت طفولتها مليئة بالتحديات خاصة عندما بدأ الإسلام يظهر علنًا وتعرض المسلمون للاضطهاد، ومع ذلك كانت حفصة جزءًا من هذا التحول الكبير الذي صنعه الإسلام في نفوس المؤمنين الأوائل.
زواج السيدة حفصة بنت عمر الأول وابتلاء الفقد
تزوجت السيدة حفصة من خُنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه أحد السابقين الأولين إلى الإسلام والمهاجرين إلى الحبشة، وشهد خُنيس مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوتي بدر وأُحد، ولكنه أصيب في أُحد بجراح أدت إلى وفاته.
كان فقدها لزوجها شابًا، وهي في مقتبل عمرها ابتلاءً عظيماً، لكنها صبرت واحتسبت، وذلك اتباعًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما يُصيبُ المؤمنَ من وصبٍ ولا نصبٍ، ولا همٍّ ولا حزنٍ، ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكةُ يُشاكُها، إلا كفَّرَ اللهُ بها من خطاياه” (رواه البخاري).
هذا الابتلاء لم يكن مجرد حادث عابر في حياة حفصة، بل كان نقطة تحول جعلتها أقرب إلى الله وأكثر استعدادًا لتحمل مسؤوليات أكبر في حياتها.
زواج السيدة حفصة بنت عمر من النبي صلى الله عليه وسلم
بعد وفاة زوج السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنهما، وهي في الثامنة عشرة من عمرها تألم الفاروق عمر رضي الله عنه لذلك وحزن، وآلمه أن يرى الهم يغتال شباب ابنته، ثم هداه تفكيره إلى اختيار زوج لها يؤنس وحدتها بعد أن مضت ستة أشهر على وفاة زوجها وهي حزينة، ولقد كان من تقاليد العرب سواء في الجاهلية أو الإسلام أن يسعى أحدهم إلى تزويج ابنته أو أخته أو وليته دون أن يشعر بحرج.
عرض عمر رضي الله عنه ابنته حفصة على أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فسكت الصديق ولم ينطق بكلمة، فخرج من عنده مهمومًا، وعرضها على عثمان بن عفان رضي الله عنه، فرد عليه ردًا جميلًا، واعتذر في رفق ولين، وفي أثناء ذلك خطبها النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان امتناع عثمان وأبي بكر إلا لذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها أمامهما.
عن سالم بن عبد الله، أنه سمع عبد الله بن عمر يُحدِّث أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي_ وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين شهدوا بدرًا، وقد توفى بالمدينة_ قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر. قال: سأنظر في أمري، فلبث ليالي، فقال: قد بدا لي ألا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلىَّ شيئًا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علىَّ حين عرضت عليَّ حفصة فلم أرجع إليك؟ قلت: نعم. قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لقبلتها. (رواه البخاري)
وتهلل وجه عمر من الفرح لهذا الشرف العظيم الذي ما كان يتطلع إليه، ولا دار بخلده أبدًا، أتكون حفصة أُمًا للمؤمنين، وتنال شرف الزواج من أشرف الخلق أجمعين؟ وكان ذلك من أعظم الإكرام والمنة والإحسان لحفصة وأبيها، وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثالثة من الهجرة.
طلاق السيدة حفصة بنت عمر من النبي صلى الله عليه وسلم ورجعتها
طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة رضي الله عنها طلقة رجعية، وذلك لإفشائها سرًا استكتمها إياه فلم تكتمه، ويرجع ذلك عندما خلا النبي صلى الله عليه وسلم يومًا بمارية في بيت السيدة حفصة، فلما انصرفت مارية دخلت حفصة حجرتها، وقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: يا نبي الله، لقد جئت إليَّ شيئًا ما جئته إلى أحد من أزواجك في يومي، وفي داري، وعلى فراشي، فقال: “ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها؟” قالت: بلى، فحرمها وقال: “لا تذكري ذلك لأحد”، فذكرته لعائشة رضي الله عنها، فأظهره الله عليه، فأنزل الله: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (سورة التحريم، الآية 1).{رواه ابن جرير}
فطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته حفصة تطليقة، ثم ارتجعها، وذلك عندما جاء إليه جبريل عليه السلام وقال له: راجع حفصة؛ فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة.(رواه الحاكم)، وكان قلبها قد انكسر لهذا الأمر، ثم سعدت بالخبر وأمر السماء بردها للرسول صلى الله عليه وسلم، ولما بلغ ذلك عمر رضي الله عنه غضب منها وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعدها (أي بعد هذا الحدث) (رواه أبو نعيم في الحلية)، وهددها بألَّا يكلمها أبدًا إذا أغضبت النبي صلى الله عليه وسلم.
السيدة حفصة بنت عمر والقرآن الكريم
كانت السيدة حفصة من النساء القلائل اللواتي تعلمن القراءة والكتابة في ذلك الزمان، واستغلت هذه المهارة في خدمة القرآن الكريم، وقد أودع الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندها الصحف التي جُمعت فيها آيات القرآن بعد أن جمعها زيد بن ثابت رضي الله عنه، لذلك سميت حارسة القرآن.
في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه اعتمدت النسخة التي احتفظت بها حفصة في إعداد المصحف العثماني الذي أُرسل إلى الأمصار الإسلامية، وكان لهذا الدور أهمية بالغة في حفظ القرآن الكريم من الضياع.
يقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: “طلب مني الخليفة عمر بن الخطاب جمع القرآن، وبعد وفاته بقيت هذه الصحف عند حفصة”، وقد كانت حفصة أمينة على هذا الكنز العظيم، وذلك يدل على ثقة المسلمين بها وبأمانتها.
صفات السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها
تميزت السيدة حفصة بشخصية قوية وحضور مؤثر، وقد وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها “صوَّامة قوَّامة” (رواه النسائي)، وذلك يعكس اجتهادها في العبادة، وكانت تغار على النبي صلى الله عليه وسلم شأنها شأن باقي أمهات المؤمنين، لكنها كانت صافية القلب.
إلى جانب ذلك كانت تتسم بالعلم والحكمة، فقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث منها قوله: “من صام يومًا في سبيل الله، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا” (رواه البخاري).
كانت حفصة تُعرف أيضًا بحبها للعلم، وقد حرصت على التعلم من النبي مباشرة، وكانت تشارك في حلقات العلم وتستمع للصحابة، وذلك جعلها واحدة من أهم رواة الحديث.
علمها وفقهها
كانت السيدة حفصة بنت عمر أم المؤمنين رضي الله عنها متميزة بالعلم والفقه والتقوى، وكان عمر يستفتيها في أمور الدين وأحكامه الفقهية، ومن ذلك سؤالها عن مدى صبر المرأة عن غياب زوجها وانقطاعه عنها، فقالت رضي الله عنها: ستة أو أربعة أشهر. وقد نُقل عنها الكثير من الأحكام الفقهية والنبوية، وكانت مرجعًا لكثير من الصحابة في مجال الحديث النبوي الشريف والعبادة، فقد تلقى عنها أخوها عبد الله بن عمر ما رأته في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روايتها للحديث
روت السيدة حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم ستين حديثًا منها 10 في الصحيحين، وروى عنها عبد الله أخوها، وصفوان بن أمية، وأم مبشر الأنصارية. ومن مروياتها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح، وبدا الصبح ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تُقام الصلاة. (رواه مسلم)
السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها في ظل خلافة أبيها
حين تولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة ظلت حفصة تعيش حياة التقشف والزهد؛ لانها تعلم يقينًا أنه لا ينفعها سلطان والدها، وإنما ينفعها عملها الصالح الذي تقف به بين يدي الله تعالى.
دور السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها في المجتمع الإسلامي
كانت السيدة حفصة مرجعًا للصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد نقلت الكثير من الأحاديث، وساهمت في تعليم النساء أمور دينهن، وكان لها دور بارز في بناء مجتمع إسلامي قائم على العلم والدين.
وقد كان منزلها ملتقى للصحابة الذين يبحثون عن الحكمة والمشورة، وكانت تستقبل النساء لتعليمهن أمور الدين، وذلك جعلها قدوة للنساء المسلمات.
وفاة السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها
مع حلول عام واحد وأربعين للهجرة، وفي السنين الأولى من ولاية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه شعرت أم المؤمنين رضي الله عنها بقرب اللقاء مع الله والأحبة، ثم فاضت روحها الطاهرة بعد مضي بضعة أيام من شهر شعبان من تلك السنة، وأقبل الصحابة الكرام للمشاركة في جنازتها، وفي مقدمتهم أبو هريرة وأبو سعيد الخدري وجمع من الصحابة، وصلى عليها والي المدينة آنذاك مروان بن الحكم، ثم دُفنت بالبقيع مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت في الثالثة والستين من عمرها حين تُوفيت، وقد أوصت لأخيها عبد الله بمال وصدقة، ونزل قبرها أخوها عبد الله وعاصم، وبنو أخيها عبد الله، ورحلت لتلحق بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في جنة عرضها السماوات والأرض، وكانت وفاتها خسارة كبيرة، لكنها تركت إرثًا خالدًا من العلم والعبادة.
الدروس المستفادة من سيرة السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها
سيرة السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنها تحمل العديد من الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها، وهي بمثابة منهاج للمسلمين والمسلمات في شتى جوانب حياتهم، ومنها:
الصبر على الابتلاء وقوة الإيمان
عندما توفي زوجها الأول خُنيس بن حذافة رضي الله عنه، وهي شابة، قابلت هذا الابتلاء بالصبر والاحتساب، ويُعلمنا هذا أهمية التوكل على الله في مواجهة مصاعب الحياة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه” (رواه البخاري)، وعلى كل مسلم أن يعرف أن الابتلاء جزء من حياة المؤمن، وهو اختبار للإيمان ووسيلة لتكفير الذنوب.
طلب العلم والتعلم
تميزت حفصة رضي الله عنها بمعرفتها القراءة والكتابة في وقت ندر فيه ذلك بين النساء، واستغلت هذه المهارة لخدمة القرآن الكريم حيث أُوكلت بحفظ الصحف التي جُمعت فيها آيات القرآن، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: “طلب العلم فريضة على كل مسلم” (رواه ابن ماجه)، فالتعلم من الأمور الأساسية في حياة المسلم، وعلى المرأة المسلمة أن تسعى لاكتساب العلم لنفع نفسها وأمتها.
الأمانة وحفظ الأمانات
كان إيداع الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه للصحف التي جُمعت فيها آيات القرآن الكريم عند السيدة حفصة دليلاً على أمانتها، وقد بقيت هذه الصحف محفوظة لديها حتى تم اعتمادها في نسخ المصحف العثماني، والله تعالى يقول في كتابه الكريم: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا” (سورة النساء، الآية 58)، فالأمانة صفة أساسية للمؤمن، وهي مسؤولية عظيمة لا يجب التهاون فيها.
الاجتهاد في العبادة
وُصفت السيدة حفصة بأنها “صوامة قوامة” (رواه النسائي)، وذلك يعكس اجتهادها في عبادة الله تعالى من صيام وقيام الليل، وهذه الصفة تُظهر أهمية المداومة على العبادة والاستزادة منها، فالاجتهاد في العبادة والتقرب إلى الله بالطاعات هو السبيل لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.
دور المرأة المسلمة في بناء المجتمع
كانت السيدة حفصة مثالاً للمرأة المسلمة التي تجمع بين العلم والدين وخدمة المجتمع، فقد كانت تنقل الأحاديث النبوية، وتُعلم النساء أمور دينهن، وذلك جعلها قدوة للنساء المسلمات، ومن ذلك نجد أن للمرأة المسلمة دور أساسي في نهضة المجتمع من خلال العلم والتعليم والدعوة إلى الله.
الغيرة المحمودة وضبط النفس
رغم غيرتها الطبيعية على النبي صلى الله عليه وسلم شأنها شأن باقي أمهات المؤمنين، إلا أنها كانت تتجاوز هذه الغيرة بالمحافظة على وحدة البيت النبوي، فالغيرة شعور فطري، لكن ضبط النفس والتحلي بالحكمة هو ما يميز المسلم في علاقاته.
الصدق والثقة في العلاقات الأسرية
زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة حفصة كان تكريماً لها ولأسرتها، ويُظهر كيف كان النبي يولي العلاقات الأسرية اهتماماً كبيراً، فبناء علاقات أسرية قائمة على الاحترام والثقة يعزز استقرار المجتمع.
الصبر في مواجهة الأزمات الزوجية
ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة طلقة واحدة ثم راجعها، وقال جبريل عليه السلام: “راجع حفصة فإنها صوامة قوامة” (رواه الطبراني)، وهذا الموقف يعكس أهمية تجاوز الخلافات الزوجية بالحكمة، فنجد أن الصبر والتسامح في الحياة الزوجية يسهمان في استمرار العلاقة وبناء أسرة متماسكة.
أثر القدوة الصالحة في التربية
نشأت حفصة رضي الله عنها في بيت عمر بن الخطاب، الذي كان مثالاً للعدل والتقوى والشجاعة. أثر والدها العظيم انعكس على شخصيتها، وذلك يُظهر أهمية دور الوالدين في غرس القيم في أبنائهم، فتربية الأبناء على القيم الإسلامية يثمر جيلاً يحمل رسالة الدين بأمانة.
حفظ القرآن الكريم والاهتمام به
كان دور حفصة رضي الله عنها في حفظ القرآن، من خلال احتفاظها بالصحف التي جُمعت فيها الآيات، دليلاً على اهتمامها بكتاب الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه” (رواه البخاري)، وذلك يؤكد على أن العناية بالقرآن الكريم، حفظاً وتعليماً، واجب على المسلمين والمسلمات.
التواضع رغم المكانة الرفيعة
رغم مكانتها كأم للمؤمنين كانت حفصة تتسم بالتواضع وتعيش حياة بسيطة، وهذا يُظهر أن العظمة ليست في المنصب، بل في التقوى والعمل الصالح، والله تعالى يقول في كتابه الكريم: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (سورة الحجرات، الآية 13)، فالتواضع من صفات العظماء، وهو زينة للمؤمن في كل أحواله.
المصدر