إعرف دينكفتاوى عامةفتاوي اسلامية

آداب قضاء الحاجة وأهم 17 منها

تعرف على آداب قضاء الحاجة

آداب قضاء الحاجة وأهم 17 منها

الحمد لله الذي أكرم بني آدم وفضَّلهم بالعقل والبيان، وشرع لهم من الأحكام ما يحفظ عليهم الطهارة والنقاء، وجعل آداب قضاء الحاجة من جملة الآداب التي تميز المؤمن عن غيره، فجمعت بين صيانة الكرامة، وحفظ الطهارة، والبعد عن الأذى، فالمسلم مأمور أن يكون على أكمل هيئة في كل أحواله، حتى عند دخوله موضع قضاء الحاجة، فلا يُهمل الأذكار المشروعة، ولا يغفل عن اجتناب النجاسات، ولا يخالف الهدي النبوي في ذلك.

سنقف في هذا المقال على أهم 17 من آداب قضاء الحاجة، مستنبطين هدي النبي ﷺ في ذلك، لنزداد علمًا بأحكام ديننا، ونعمل بها امتثالًا لما أمر الله به من الطهارة الظاهرة والباطنة، فإنها من شيم المتقين.

آداب قضاء الحاجة وأهم 17 منها
آداب قضاء الحاجة

آداب قضاء الحاجة

1- عدم اصطحاب ما فيه اسم الله:

يجب عدم اصطحاب أي شيء عليه اسم الله في مكان قضاء الحاجة كالخواتم أو القلادات أو المصحف، إلا إذا خيف عليه من الضياع، فقد روي عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء نزع خاتمه. (رواه الترمذي)

2- الكف عن الكلام مطلقًا:

من آداب قضاء الحاجة الكف عن الكلام مطلقًا سواء كان ذكرًا أو غيره، فلا يرد سلامًا، ولا يُجيب مؤذنًا، إلا لما لابد منه، كإرشاد أعمى يُخشى عليه من التردي، فإن عطس أثناء ذلك حمد الله في نفسه، ولا يُحرك به لسانه، فعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “لا يَخرُجُ الرَّجُلانِ يضرِبانِ الغائطَ كاشِفَينِ عن عورتِهما يتحدَّثانِ ، فإنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يمقُتُ (أي يغضب أشد الغضب) على ذلِكَ”. (رواه أبو داود)

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلم، فلم يرد عليه. (رواه مسلم)

وما سبق كانت الآداب العامة التي تُراعى عند قضاء الحاجة، أما آداب قضاء الحاجة التي يجب مراعتها عند القضاء في مكان غير المكان المعد لذلك هي ما يأتي:

3- البعد والاستتار عن الناس:

عند قضاء الحاجة في المكان الغير معد لذلك يجب الاستتار والبعد عن الناس، خاصةً عند الغائط، لئلا يسمع له صوت، أو تشم له رائحة، فعن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد. (رواه أبو داود)

4- تعظيم القبلة:

فلا يستقبلها ولا يستدبرها؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إِذَا جَلَسَ أَحَدُكُم عَلَى حَاجَتِهِ ، فَلَا يَستَقبِلِ القِبلَةَ وَلَا يَستَدبِرهَا” (رواه مسلم)، ويأتي هذا النهي محمول على الكراهة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: ارتقيتُ يومًا فوق بيت حفصة، فرَأَيتُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يَقضِي حاجته مُسْتَقبِل الشام، مُسْتَدبِر الكعبة (رواه البخاري).

ويقال في الجمع بينهما إن التحريم في الصحراء، والإباحة في البنيان.

5- طلب المكان اللين المنخفض:

عند قضاء الحاجة في غير المكان المعد لها يجب أن يكون المكان لين منخفض ليحترز فيه من الإصابة بالنجاسة، وحتى لا بيصيبه رشاش البول، فقد كتب أبو موسى إلى عبد الله: إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فأراد أن يبول، فأتى دمثًا (أي المكان اللين السهل) في أصل جدار فبال، ثم قال صلى الله عليه وسلم: “إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَبُولَ فَلْيَرْتَدِ لِبَوْلِهِ مَوْضِعًا” (رواه أبو داود).

كما أن عدم الاستبراء من البول يُوجب عذاب القبر، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بِقَبرَينِ فقال: ” إنَّهما ليُعذَّبانِ وما يُعذَّبانِ في كبيرٍ ثمَّ قال: بلى أمَّا أحدُهما فكان يسعى بالنَّميمةِ وأمَّا الآخَرُ فكان لا يستنزِهُ مِن بولِه” (رواه البخاري).

6- اتقاء الجُحر:

عند قضاء الحاجة يجب البعد عن الجحور لئلا يكون فيها شيء يؤذيه من الهوام، فعن قتادة، عن عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “”لا يَبُولَنَّ أحدُكُمْ في جُحْرٍ” فقالوا لقتادة: وما يُكره من البول في الجحر؟ قال: ” يُقَال إِنهَا مَسَاكِنُ الجِنَّ” (رواه النسائي).

7- تجنب ظِل الناس وطريقهم ومتحدثهم:

يجب على المسلم ألا يقضي حاجته في الطريق، ولا تحت الأشجار والجدران ونحوها؛ لأنه بذلك العمل يجعل الناس يلعنونه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” اتَّقوا اللَّاعِنَينِ”، قالوا: وما اللَّاعنانِ (أمران يجلبان اللعن) يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: “الَّذي يتخلَّى (أي يقضي حاجته) في طريقِ النَّاسِ أو ظلِّهِم” (رواه مسلم).

هناك آداب يجب أن تراعى عند التبول ومنها:

8- عدم التبول في مكان الاستحمام:

عن عبد الله بن مُغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ (مكان الاستحمام)، فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ” (رواه الترمذي)، وقال ابن المبارك: قد وسع في البول في المُغتسل إذا جرى فيه الماء، فإن كان في مكان الاستحمام بالوعة أو نحو ذلك، فلا يُكره البول.

9- عدم البول في الماء الراكد:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي أن يُبال في الماء الراكد حيث قال صلى الله عليه وسلم: “لا يَبُولَنَّ أحَدُكم في الماء الدَّائِم الذي لا يجْرِي، ثمَّ يَغتَسِل مِنه” (رواه مسلم)، والماء الدائم هنا هو الماء الراكد، والنهي هنا حتى يظل الماء طاهرًا ينتفع الناس به.

10- حكم البول قائمًا:

النهي هنا نهي كراهة، وذلك لمنافاته الوقار ومحاسن العادات، ولأنه قد يتطاير عليه رشاشه، فإذا أمِن من الرشاش جاز، والإمام النووي قال: البول جالسًا أحبُ إِليَّ، وقائمًا مباح، وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن حذيفة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سُباطة قومٍ فبَالَ قائمًا، ثم دعا بماء، فجئته بماء فتوضأ (رواه البخاري).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا، فلا تُصدقُوهُ، ما كان يبول إلا قاعدًا (رواه الترمذي)، وقال: أن حديث عائشة رضي الله عنها أحسن شيء في هذا الباب وأصح…، وأن النهي عن البول قائمًا على التأديب لا على التحريم، وكلام عاءشة رضي الله عنها مبني على ما علِمَت ورأت، فلا يُنافي حديث حذيفة.

11- إزالة ما على السبيلين( أي القُبل والدبر) من النجاسة (الاستنجاء):

إزالة ما على السبيلين واجب، ويكون ذلك بالماء، فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء، فأحمل أنا وغلام إداوةً (أي إناء صغير) من ماء وعنزة (عصا كالعكازة حادة الطرف) يستنجى بالماء. (رواه البخاري)، وإذا لم يجد ماءً يستنجى به، فليستجمر بالأحجار – وما معناها – من كل جامد طاهر قالع للنجاسة ليس له حرمة، فلا يُستنجى بعظم ولا روث، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إِذَا ذَهبَ أحدُكم إلى الغائطِ فليذهَب معَه بثلاثةِ أحجارٍ يستطيبُ بِهنَّ فإنَّها تُجزئُ عنه” (رواه النسائي)، أو يُستنجى بهما معًا (أي بالأحجار والماء).

12- عدم الاستنجاء باليد اليمنى:

عدم الاستنجاء باليد اليمنى تنزيهًا لها عن مباشرة القذارة، فعن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إِذَا بَالَ أحَدُكُمْ فلا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ بيَمِينِهِ، ولَا يَسْتَنْجِي بيَمِينِهِ…” (رواه البخاري)، وعنها أيضًا رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه، ويجعل شماله لما سوى ذلك (رواه أبو داود).

13- تنظيف اليد بعد الاستنجاء:

ويكون تنظيف اليد بعد الاستنجاء بدلكها بالأرض، أو بغسلها بالصابون والماء ونحوه؛ ليزول ما علق بها من رائحة كريهة، فعن أبي هريرة رضي الله عنها قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور، أو ركوة فاستنجى، والتور هو القدر الكبير، أما الركوة هي الإناء من الجلد.

14- نضح الفرج والسروال بالماء بعد التبول:

يُستحب للإنسان أن ينضح فرجه وسراويله بالماء بعد البول والاستنجاء؛ ليدفع عن نفسه الوسوسة والشك في طهارته، فعن سفيان بن الحكم الثقفي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال يتوضأ وينتضح (أي يرش فرجه وثوبه بالماء) (رواه أبو داود).

أما آداب الدخول والخروج لقضاء الحاجة، فهي كالآتي:

15- الجهر بالاستعاذة:

ويكون الجهر بالاستعاذة عند الدخول في البنيان المعد لقضاء الحاجة، وعند تشمير الثياب في الفضاء؛ لقول أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: ” اللَّهُمَّ إِنِّي اَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ” (رواه البخاري)، والخبث هم ذكور الشياطين، والخبائث هم إناثهم، وإنما يقول العبد ذلك؛ لأن أماكن قضاء الحاجة عادة ما تكون مأوى للشياطين، فيستعيذ بالله ليحفظه منهم.

16- الاستغفار بعد الخروج:

عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء قال: “غُفرَانَكَ” (رواه الترمذي)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر بعد قضاء الحاجة، لتركه الذكر في تلك الحالة، فاعتبر ترك الذكر تقصيرًا يستغفر منه، وقيل: يستغفر لتقصيره في شكر نعمة الله عز وجل عليه بإخراج الأذى من جوفه.

17- الدخول بالقدم اليسرى، والخروج باليمنى:

السبب من ذلك تمييز أماكن الطهارة عن أماكن النجاسة، فالمساجد ندخلها باليمنى، وتخرج منها باليسرى، أما أماكن قضاء الحاجة ندخلها باليسرى ونخرج منها باليمنى.

في الختام، فإن التمسك بآداب قضاء الحاجة هو التزام شرعي وأخلاقي يجسد كمال الشريعة الإسلامية التي راعت أدق تفاصيل حياة الإنسان، حتى في أخص خصوصياته. فهذه الآداب تجمع بين الطهارة الحسية والمعنوية، وتغرس في المسلم قيم الحياء والنظافة، وتحفظه من الأذى الحسي والروحي، وكما قال النبي ﷺ: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، فإن التزام المسلم بهذه الآداب هو امتثال لأوامر الله وسنة نبيه، ووسيلة لتحصيل البركة والطهارة في الدنيا والآخرة، فليحرص كل مسلم على تعلمها وتطبيقها، لتظل حياته قائمة على الطهارة الظاهرة والباطنة، فينال بها رضا الله وعظيم الأجر.

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index