
دعاء التحصين للأولاد، الأولاد هم زينة الحياة الدنيا، وأغلى ما يملكه القلب والعقل معًا، ومع كثرة المخاطر في هذا العصر — حسد، عين، أمراض، ذنوب، أصدقاء سوء — يبحث كل أب وأم عن وسيلة شرعية وآمنة لحماية أبنائهم تحفظ جسدهم وعقلهم وروحهم.
وقد دل الإسلام على باب عظيم في الحفظ ألا وهو الدعاء والتحصين بآيات وأذكار ثابتة، فالتحصين ليس طقوسًا وشعوذات، بل سُنَّة نبوية تجمع بين توحيد القلب والأخذ بالأسباب، فالله تعالى يقول في كتابه: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ﴾ (سورة المؤمنون، 97).
وقال رسول الله ﷺ: “احفَظِ اللهَ يحفَظْكَ” (رواه الترمذي)، فالوقاية تبدأ من هنا: حفظ أمر الله ليحفظ الله أبناءنا.
ما معنى التحصين في الإسلام؟
التحصين في اللغة هو المنعة والحماية، أما في الاصطلاح هو الالتجاء إلى الله والدعاء والذكر والقرآن لتوقي الشرور الظاهرة والباطنة، ولا يعني التحصين إهمال الطب والأساليب التربوية، بل هو تكامل بين الروح والجسد والعقل.
لماذا يحتاج الأولاد إلى التحصين؟
يحتاج الأبناء إلى التحصين لأنهم أكثر عرضة للعين والحسد لبراءتهم وجمالهم، وضعف إدراكهم للمخاطر، وكثرة تعرُّضهم للعالم الخارجي، وكذلك ضعف مناعتهم النفسية والبدنية، وخير من علَّم التحصين للأولاد هو رسول الله ﷺ، فقد كان يُحصِّن الحسن والحسين رضي الله عنهما.
دعاء التحصين للأولاد مأثور عن النبي ﷺ
قال ابن عباس رضي الله عنهما: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَعوِّذُ الحَسَنَ والحُسَينَ، يَقُولُ: أَعِيذُكُما بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِن كُلِّ شَيطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِن كُلِّ عَينٍ لَامَّةٍ” (رواه أبو داود وصحّحه الألباني).
دعاء النبي ﷺ للحسن والحسين من أقوى أدعية التحصين من العين والحسد والسحر.
آيات التحصين للأولاد
1️⃣ آية الكرسي: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ (سورة البقرة، الآية 255)
قال ﷺ عن فضلها:“إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَنْ يَزالَ معكَ مِنَ اللَّهِ حافِظٌ، ولا يَقْرَبُكَ شيطانٌ حتَّى تُصْبِحَ” (رواه البخاري).
2️⃣ المعوذات (الإخلاص – الفلق – الناس)، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذا أخَذَ مَضْجَعَهُ نَفَثَ في يَدَيْهِ، وقَرَأَ بالمُعَوِّذاتِ، ومَسَحَ بهِما جَسَدَهُ” (رواه البخاري)، ويُسن فعل ذلك للأولاد.
3️⃣ آخر آيتين من سورة البقرة:﴿ ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ كُلٌّ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّن رُّسُلِهِۦۚ وَقَالُواْ سَمِعۡنَا وَأَطَعۡنَاۖ غُفۡرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيۡكَ ٱلۡمَصِيرُ (*) لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَعَلَيۡهَا مَا ٱكۡتَسَبَتۡۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذۡنَآ إِن نَّسِينَآ أَوۡ أَخۡطَأۡنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَيۡنَآ إِصۡرٗا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِنَاۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلۡنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِۦۖ وَٱعۡفُ عَنَّا وَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَآۚ أَنتَ مَوۡلَىٰنَا فَٱنصُرۡنَا عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴾، فعن أبو مسعود عقبة بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه” (رواه مسلم).
دعاء التحصين للأولاد وأهم الأدعية
تُقال هذه الأدعية الآتية صباحًا ومساءً:
- “بِسمِ اللهِ الَّذي لا يضرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم” (ثلاث مرات) — رواه أبو داود.
- “حسبي اللهُ لا إله إلا هو عليه توكلتُ وهو رب العرش العظيم” (سبع مرات) — حسن الإسناد.
- “اللهم بارك لي في ذريتي، واجعلهم من الصالحين، واحفظهم من كل مكروه” دعاء حسن المعنى.
- “أعوذ بكلماتِ اللهِ التاماتِ من شر ما خلق” (رواه مسلم).
- “اللهم احفظ أولادي من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم، وأعوذ بعظمتك أن يُغتالوا من تحتهم”.
- “اللهم احفظ أولادي من كل سوء، وأبعد عنهم الأذى والمرض والعين والحسد، واجعلهم في حفظك ورعايتك يا خير الحافظين”.
- “اللهم اجعل أولادي من عبادك الصالحين، وقرَّة عينٍ لنا في الدنيا والآخرة”.
- “اللهم إني أستودعك أولادي، فأنت خير المستودَعين، فاحفظهم بحفظك الذي لا يُرام”.
- “اللهم إني أعيذ أولادي بك من كل ذي شرٍّ خلقته، ومن كل صاحب سوء، ومن كل عينٍ حاسدة، ومن كل نفسٍ خبيثة، واحفظهم بحفظك الذي لا يُرام”.
- “اللهم طهِّر قلوب أولادي، واغفر ذنوبهم، واصرف عنهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، واجعلهم هداةً مهتدين صالحين غير ضالِّين ولا مضلِّين”.
- “اللهم احفظ أولادي من فتن الدنيا، ومن فتن الشبهات والشهوات، واجعل القرآن نور قلوبهم وربيع صدورهم”.
- “اللهم ابعد عن أولادي رفقاء السوء، وقرِّب إليهم الأخيار، ومن تُحبَّهم ويُحبُّونك يا الله”.
- “اللهم سخر الملائكة تحرس أولادي عند نومهم وقيامهم وخروجهم ودخولهم، واجعل السكينة تملأ قلوبهم، واملأ حياتهم نورًا وبركةً وتوفيقًا”.
- “اللهم إني أستودعك أولادي، أسماؤهم وأعمارهم وأبدانهم وأخلاقهم وإيمانهم، فاحفظهم من كل سوء، واجعلهم في كنفك الذي لا يُضام، وفي حرزك الذي لا يُرام”.
- “اللهم احرس أولادي بعينك التي لا تنام، واكلأهم بركنك الذي لا يُضام، واحفظهم بحفظك، واربط على قلوبهم، واصرف عنهم شرَّ الإنس والجن، وشرَّ كل حاسدٍ وحاقدٍ وغادر”.
- “اللهم اجعل القرآن نور أبصار أولادي، وضياء قلوبهم، وربيع صدورهم، واحفظهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وثبتهم على طاعتك ما أحييتهم”.
- “اللهم أبطل أثر عينٍ حاسدة، ونفسٍ حاقدة، وسحرٍ مؤذٍ، اللهم طهرهم من كل ضرٍّ آلمهم، وأعدهم إلى عافيتهم سالمين مطمئنين”.
- “اللهم بارك لي في أولادي، وزدهم من فضلك وكرمك وجودك، واحفظهم من كل مكروه، وحقق لهم أحلامهم، وصرف عنهم كل طريق سوء”.
كيفية التحصين الصحيح للأطفال خطوة بخطوة
- ابدأ بنية خالصة أن التحصين لوجه الله وطلب الحفظ، وتذكَّر أن القصد توحيد الله والأخذ بالأسباب لا البدع.
- قبل الرقية يُستحب الوضوء لمن يقوم بالقراءة؛ فهي طهارةٌ جسدية وروحية.
- اقرأ آية الكرسي، ثم المعوذات (الإخلاص، الفلق، الناس) وآخِرَ آيتين من البقرة، وقُل دعاء الحفظ: «أُعيذُكُمَا/أُعيذُ أولادي بكلماتِ اللهِ التَّامَّةِ من كلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ ومن كلِّ عينٍ لامَّةٍ».
- بعد القراءة انفث خفة في كفّيك ثم امسح بهما صدر الطفل وظهره ورأسه (للمرضَع/الرضيع امسح برفق دون ضغط).
- اجعل التحصين صباحًا ومساءً، ولا تقتصر عليه عند الخوف فقط، واجعل قراءة المعوذات ثلاث مرات قبل النوم روتين فعَّال.
- علِّم طفلك عبارات صغيرة مناسبة لعمره: «نذكر الله ليحمينا» أو «الله يحفظك».
- الأخذ بالأسباب العملية، فمع الدعاء استمر في الإجراءات الوقائية—النوم المبكر، التغذية الصحية، الفحوص الطبية، متابعة المدرسة.
- لا تعلق تمائم محرَّمة، ولا تلجأ للسحرة؛ فالتحصين صحيح داخل الكتاب والسنة.
- اجمع بين الرقية الشرعية والعلاج الطبي واستشر أهل العلم الموثوقين إن لزم.
- انهي بدعاء رقيق موجَّه إلى الله: «اللهم احفظه بعينك التي لا تنام، واجعل حمايتك له حصنًا وسلامًا».
دعاء التحصين للأولاد وأثره على الطفل
الدعاء يجعل الطفل يشعر بأن هناك قوة عظيمة تحميه
→ فيتولد لديه الأمان والثقة بالنفس.
→ تقل المخاوف الليلية لديه.
→ يزداد ارتباطه بربه مبكرًا.
→ ينشأ سويًا مطمئن الروح والقلب.
كيف نعلم أبناءنا التحصين؟
-
اجعل لهم القدوة، فليَرَوا الأب والأم يذكرون الله.
-
بالتكرار الهادئ قبل النوم.
-
بالأناشيد الدينية التي تحوي الأذكار.
-
بمكافآت معنوية عند التزامهم.
و قل للطفل عبارة بسيطة: “نذكر الله لأن الله يحمينا ويحبَّنا”.
علامات حفظ الله للأولاد
1️⃣ السكينة في القلب.
2️⃣ البعد عن رفقاء السوء.
3️⃣ النجاح في الأمور.
4️⃣ صرف المكاره عنهم.
5️⃣ الطمأنينة في البيت.
هذه نعم تستحق الشكر والإكثار من الذكر.
هل التحصين يغني عن العلاج والتربية؟
التحصين بالقرآن والأدعية سبب من أسباب الحماية التي شرعها الله لعباده، لكنه لا يغني أبدًا عن العلاج الحسي أو التربية السليمة، فالمسلم مأمور بالأخذ بكل الأسباب الشرعية والدنيوية، لأن الدين جاء ليجمع بين القلب الذي يتوكل على الله، واليد التي تعمل وتجتهد، والنبي ﷺ قال: «تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواء»، فالعلاج مطلوب إن وُجد المرض، والتربية مطلوبة إن ظهر السلوك الخاطئ، والتحصين هنا يعزز الإيمان، ويبعث الطمأنينة في قلوب الأطفال، ويحميهم من الشرور والوساوس، لكنه لا يعفي الوالدين من دورهم في المتابعة، والتوجيه، وغرس الأخلاق الحسنة، والانتباه للصحة الجسدية والنفسية، إذن هو تكامل لا بديل: تحصين يحفظ الروح، وتربية تزكي الأخلاق، وعلاج يصون الجسد والعقل، وبهذا تكتمل نعمة الله في الأبناء.
تحصين الأطفال من الحسد والعين
العين حق كما قال النبي ﷺ، والوقاية منها تكون بـ:
✅ ذكر الله عند رؤية النعمة.
✅ عدم المبالغة في إظهار الأبناء على مواقع التواصل.
✅ ترك المقارنات التي تثير الحسد.
✅ التحصين المستمر.
قال ﷺ: “استعيذوا بالله من العين فإن العين حق” (رواه ابن ماجه).
دعاء التحصين للأولاد شامل
“اللهم احفظ أولادي من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم، وأعوذ بك أن يُغتالوا من تحتهم، اللهم ارزقهم حسن الإيمان وكمال العافية، واجعلهم قرة عين لنا، وبارك في صحتهم وعلمهم وأخلاقهم، واصرف عنهم الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن، واجعلهم من الصالحين المحفوظين بحفظك يا خير الحافظين”.
في الختام، وبعد الحديث عن دعاء التحصين للأولاد ندرك جميعًا أنَّ أبناءنا هم أغلى ما نملك، وأنَّ حمايتهم ليست كلمة تقال ولا رغبة تُترك للصدفة، بل هي عبادة ومسؤولية عظيمة نسأل الله أن نُوفَّق في أدائها، فالتحصين ليس مجرد دعاء نتلوه، بل هو روح يبعثها المؤمن في بيته؛ آياتٌ تُقرَأ، وأذكارٌ تُردَد، وتربيةٌ تُغرس، وقلبٌ موقن بأن الله هو الحافظ والمعين.
إنَّ دعاء التحصين للأولاد هو سياج الأمان الذي نحيط به صغارنا، ونحفظ به أرواحهم وأجسادهم وعقولهم من كل شرٍّ يُخشى، فنحن نودعهم عند ربٍ رحيم لا يغفل، كريم لا يرد من لجأ إليه، فليكن التحصين ديدنًا يوميًا في بيوتنا، صباحًا ومساءً، ومع كل خطوة لأطفالنا في هذه الدنيا.
نسأل الله عز وجل أن يجعل أبناءنا قرة عين لنا، وأن يرزقهم الإيمان والعافية والصلاح والتوفيق، وأن يحفظهم بحفظه الذي لا يزول ولا يتحول، وأن يجعلهم من عباده الصالحين الذين يحملون نور هذا الدين ويُسهمون في بناء خير الأمم.
المصدر