إعرف دينكأسئلة

كيف تكون صلاة التوبة؟… تعلم كيف تغسل ذنوبك

تعرف كيف تكون صلاة التوبة

كيف تكون صلاة التوبة؟… تعلم كيف تغسل ذنوبك

ما أعظم رحمة الله وما أوسع مغفرته!، فقد يذنب العبد ويقع ويضعف، لكن أبواب التوبة لا توصد، وسبل الرجوع لا تُغلق، ومن أعظم هذه السبل ما يسمى بـصلاة التوبة، تلك الصلاة التي لا تُصلَّى رياءً ولا طلبًا لدنيا، بل تُصلَّى بقلب منكسر، وجبين خاضع، ودمعة ساخنة ترجو رحمة من وسعت رحمته كل شيء.

سنتعرف في هذا المقال على معنى صلاة التوبة، ومشروعيتها، وكيفيتها، وأوقاتها، وشروطها، ودعائها، وأثرها العظيم في حياة المسلم.

معنى التوبة في الإسلام

التوبة في اللغة هي الرجوع، وفي الاصطلاح هي الرجوع عن معصية إلى طاعة، والله تعالى يقول في كتابه: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [سورة النور، الآية 31]، وهي واجبة على الفور إذا وقع العبد في الذنب، ولا يجوز له التسويف أو التأجيل.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: “التوبة هي بداية طريق السالكين، ومفتاح استقامة السائرين، وأول منازل العابدين”.

كيف تكون صلاة التوبة؟... تعلم كيف تغسل ذنوبك
صلاة التوبة

مشروعية صلاة التوبة وأدلتها

صلاة التوبة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع، فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “ما من عبدٍ يُذنبُ ذنبًا ثم يتطهرُ فيحسنُ الطهورَ ، ثم يصلِّي ركعتين ثم يتوبُ للَّهِ من ذنبِه ، إلا تاب اللهُ عليهِ” [رواه أبو داود (1521) والترمذي (406) وقال: حديث حسن]، وفي رواية أخرى: “ثم يقول: اللهم اغفر لي ذنبي، إلا غُفر له.”

وذلك الحديث أصل في صلاة التوبة، حيث دل على أن من أذنب ثم تطهر وصلى واستغفر، غفر الله له.

شروط التوبة النصوح

صلاة التوبة لا تصح إلا إذا كانت مصحوبة بـتوبة نصوح، وهي التوبة التي اجتمع فيها الشروط التالية:

  • الإقلاع عن الذنب فورًا.

  • الندم على ما فات، وهو ركن التوبة الأعظم.

  • العزم الصادق على عدم العودة إلى الذنب.

  • رد الحقوق لأصحابها إن كانت التوبة من مظالم العباد.

  • أن تكون التوبة في وقت القبول، أي قبل الغرغرة أو طلوع الشمس من مغربها.

كيف تكون صلاة التوبة؟

النية

تُعقد النية في القلب، ولا يُشترط التلفظ بها، فتقول في قلبك: “أنوي أن أصلي ركعتين توبة لله عز وجل من هذا الذنب”.

الوضوء

لقول النبي ﷺ: “فيتوضأ وضوءًا حسنًا…”،  فلا بد أن يتوضأ العبد وضوءًا كاملاً خاشعًا.

صلاة ركعتان

يصلي المسلم ركعتين خالصتين لوجه الله، ويمكن أن يقرأ في الركعة الأولى الفاتحة وسورة (الإخلاص أو الكافرون)، وفي الثانية الفاتحة وسورة (الزلزلة أو الناس)، وليس هناك سور محددة، بل يقرأ ما تيسر.

الدعاء والاستغفار بعد الصلاة

بعد التسليم، يستغفر العبد، ويُلح في الدعاء، ويمكن أن يقول: “اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، سره وعلانيته، أوله وآخره”، أو “رب اغفر لي وتب عليَّ، إنك أنت التواب الرحيم”، كما يستحب الدعاء بسيد الاستغفار “اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”، ويستحب رفع اليدين والخضوع في الدعاء.

وقت صلاة التوبة

صلاة التوبة جائزة في أي وقت من الليل أو النهار، بشرط أن لا تكون في أوقات النهي مثل بعد صلاة الفجر حتى شروق الشمس، وبعد صلاة العصر حتى غروب الشمس.

أما إذا كانت التوبة عاجلة، وخشي المسلم أن ينسى أو يؤخر، فلا حرج في أن يصليها فورًا، فقدَّم التوبة على كراهة الوقت.

هل تتكرر صلاة التوبة؟

نعم، كلما وقع المسلم في ذنب، صلَّى ركعتين توبة، فباب الله لا يُغلق، وقال الحسن البصري: “أحسنوا في هذا الرجوع، فإنما يُقبل منكم ما دمتم تُحسنون التوبة”، وقال الإمام النووي رحمه الله: “يُسن لكل من فعل ذنبًا أن يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله، فإن ذلك مجزوم بغفرانه، كما جاء في الحديث”، بل حتى لو تكرر الذنب نفسه مرارًا، فتُكرر التوبة كل مرة، بشرط الصدق في التوبة في كل مرة.

الفرق بين صلاة التوبة وصلاة الحاجة

صلاة التوبة تُصلَّى عند الوقوع في ذنب، وصلاة الحاجة تُصلَّى عند طلب أمر من الله، وكلتاهما ركعتان، لكن النية والسبب يختلفان.

فضل صلاة التوبة

  • مغفرة الذنوب مهما عظمت، فالنبي ﷺ قال: “التائب من الذنب كمن لا ذنب له.” (ابن ماجه، حسن).

  • طمأنينة القلب وانشراح الصدر، والله تعالى يقول: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِن رَبِّهِ﴾ [سورة الزمر، الآية 22].

  • الوقاية من سوء الخاتمة، فكم من عبد تاب قبل الموت بلحظات، فكان ذلك سبب نجاته.

  • رفع الدرجات، لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾ [سورة البقرة، الآية 222]، وهل هناك أعظم من أن يحبك الله؟.

مناجاة الله بعد صلاة التوبة

“يا رب ما أتيتك مستغنيًا، ولا طاهرًا، بل جئتك منكس الرأس، مثقل الذنب، ملوثًا بأخطائي، فاقبلني يا من لا ترده السائلين، واغسل قلبي بماء عفوك، واجعل هذه الركعتين بداية لا عودة بعدها إلى الذنب…”

كيف تثبت بعد التوبة ولا تعود للذنب؟

  • الصحبة الصالحة، فالصاحب ساحب.

  • الابتعاد عن مواطن المعصية، فلا تجلس في أماكن الذنوب.

  • الإكثار من الذكر والصلاة، فهي حصن الروح.

  • الاطلاع على عواقب الذنوب من خلال القرآن وسير السلف.

  • الدعاء بالثبات، كما كان النبي ﷺ يدعو: “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك” (الترمذي).

في الختام، صلاة التوبة لحظة مصيرية يعود فيها القلب إلى مولاه، وتتطهَّر فيها الروح من درن المعاصي، ويتجدد فيها العهد مع رب كريم لا يخيب من لجأ إليه، فيا من أثقلتك الذنوب لا تيأس، فلو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم جئت تائبًا، لغفرها الله لك، فبادر اليوم، قبل أن يُقال: “أدركوه، فقد فات الأوان…”، فلا تنتظر الغد، ولا تؤجّل دمعة، ولا تقل سأتوب لاحقًا… فقد يفاجئك الموت دون وداع.

صلِّ الآن ركعتين… وابدأ عمرك من جديد.

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock