إعرف دينكمواضيع تعبير دينية

فضل الإثنين والخميس في الإسلام وأهم 3 منها

تعرف على فضل الإثنين والخميس في الإسلام

فضل الإثنين والخميس في الإسلام وأهم 3 منها

فضل الإثنين والخميس، من رحمة الله بعباده أن جعل الزمان موسِمًا للعبادة، وميدانًا للسباق إلى مغفرته ورضوانه، فهناك أيام اصطفاها الله لحِكم يعلمها، وأوقات تتنزل فيها رحماتُه وتُعرض فيها أعمال عباده، ومن بين تلك الأيام التي فُضِّلت بفضائل خاصة يوم الإثنين ويوم الخميس.
هذان اليومان لم يكونا مجرد يومين في التقويم الأسبوعي، بل هما نافذتان نورانيتان في حياة المسلم يفتح الله فيهما أبواب الرحمة، وتُرفع فيهما الأعمال إلى رب العالمين، ويزداد فيهما الأجر والثواب لمن صامهما وأحسن العمل فيهما.

فما سر. تفضيلهما؟ ولماذا كان النبي ﷺ يتحراهما؟ وما الفوائد الروحية والاجتماعية والنفسية لصومهما؟ وكيف نُحيي سنتهما في حياتنا؟ هذا ما سنكشفه بالتفصيل في هذا المقال الشامل.

هل هناك أهمية للزمان في الإسلام؟

من تأمل في القرآن الكريم يجد أن الزمان في الإسلام له منزلة عظيمة، فهو وعاءُ الطاعات، وساحة الامتحان، ومقياس الأعمال.
قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ [سورة العصر، الآيات 1-2]، وفي تلك الآيات أقسم الله بالعصر والدهر، وذلك إشارة إلى أهمية الوقت، وأن الفلاح كل الفلاح في حسن استغلاله، ومن هنا نجد في الشرع أزمنة مميزة:

  • أوقات تُرفع فيها الأعمال (كالإثنين والخميس).

  • وأوقات تُغفر فيها الذنوب (كليلة القدر ويوم الجمعة).

  • وأيام يُستحب فيها الصوم والعبادة (كعاشوراء وعرفة).

فالتفاضل بين الأيام ليس اعتباطًا، بل هو تذكير دائم للعبد بأن عمره مقسوم على لحظات إن أكرمها بالطاعة صارت له نورًا ورفعةً يوم القيامة.

فضل الإثنين والخميس

فضل الإثنين والخميس في الأحاديث النبوية

لقد ثبتت أحاديث صحيحة كثيرة تُبيِّن فضل هذين اليومين، ومنها ما يلي:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “تُعرضُ الأعمالُ يومَ الإثنين والخميسِ فأُحِبُّ أن يُعرضَ عملي وأنا صائمٌ” (رواه الترمذي والنسائي وصححه الألباني)، وهذا الحديث أصلٌ في استحباب الصوم في هذين اليومين؛ لأن النبي ﷺ كان يُحب أن يُعرض عمله وهو في حالة عبادة وطاعة، وهذا أدب عظيم مع الله عز وجل.
  • عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سُئل النبي ﷺ عن صوم يوم الإثنين فقال: “ذلك يومٌ ولدتُ فيهِ ويومٌ أُنزلت عليَّ فيهِ النبوةُ” (رواه مسلم)، وهذا الحديث يدل على أن صوم يوم الإثنين ليس مجرد عادة، بل هو شكر لله تعالى على أعظم نعمة في التاريخ، وهي بعثة النبي ﷺ وهداية البشرية.
  • ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: “تُعرض الأعمال في كل اثنين وخميس، فيغفر الله لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا، إلا امرءًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أَنظِروا هذين حتى يصطلحا” (رواه مسلم)، وفي هذا الحديث لفتة عميقة أن الغفران لا يشمل المتخاصمين حتى يصطلحا، فالإثنين والخميس ليسا فقط يومين للعبادة، بل أيضًا يومان لإصلاح القلوب وقطع دابر الحقد.

الحكمة من تفضيل يومي الإثنين والخميس

عرض الأعمال على الله

قال العلماء أن الأعمال تُعرض على الله عرضًا يوميًا (في صلاة الفجر والعصر)، وأسبوعيًا (يومي الإثنين والخميس)، وسنويًا (في شهر شعبان)، وهذا العرض ليس لأن الله يجهل أعمال عباده، تعالى عن ذلك، ولكن ليُظهر كرامة الصالحين، ويُضاعف أجورهم، وليغفر لمن تاب وأصلح، وليُمهل من أساء.

قال الإمام النووي رحمه الله: “يُستحب صوم الاثنين والخميس لِما فيهما من رفع الأعمال، فيكون العبد صائمًا حين تُعرض أعماله، فيكون ذلك أدعى للقبول”.

ارتباط الصوم بالعرض

الصوم عبادة بين العبد وربه، لا يطلع عليها أحد، كما قال الله في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به» (رواه البخاري ومسلم).

فإذا كانت الأعمال تُعرض على الله، فإن الصوم هو العبادة التي تخصه جل شأنه؛ فكان من الأدب والسمو أن يُعرض العمل على الله والعبد صائم خاشع.

يوم المولد والبعثة

الإثنين يوم له مكانة تاريخية وروحية، لأنه اليوم الذي أشرقت فيه الأرض بميلاد سيد الخلق ﷺ، وابتدأ فيه نزول الوحي الذي غيَّر وجه البشرية.
فصومه نوع من الشكر لله تعالى على هذه النعمة العظيمة، كما صام موسى عليه السلام يوم نجاته شكرًا لله.

فضل صيام الإثنين والخميس

نيل محبة الله وغفرانه

الصوم عبادة محبوبة عند الله، وكل صائم نال نصيبًا من محبة الله ورضاه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا” (رواه البخاري ومسلم)، فكيف إذا كان هذا الصوم في أيامٍ يُرفع فيها العمل ويُغفر فيها الذنب؟!.

تربية النفس على الانضباط

الصوم في هذين اليومين يربي المؤمن على التحكم في الشهوة والصبر والنية، كما أنه تدريب أسبوعي يجعل القلب حاضرًا والعقل متيقظًا للآخرة.

التخفيف من الذنوب اليومية

أعمالنا اليومية لا تخلو من تقصير، والصوم من أعظم المكفرات، فقد قال ﷺ: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفِّرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (رواه مسلم)، والصوم في الإثنين والخميس يزيد من رصيد الطاعات، ويكون سببًا لمغفرة الذنوب الصغيرة.

دروس عملية من فضل الإثنين والخميس

الإخلاص في العمل

أن تكون نيتك خالصة لله، فالله لا يقبل عملًا فيه رياء، فالله تعالى قال: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [سورة البينة، الآية 5].

الإصلاح بين الناس

إذا علمت أن الله لا يغفر للمتخاصمين في هذين اليومين حتى يتصالحوا، فابدأ الأسبوع بقلبٍ صافٍ، وانهِه به بروحٍ نقية.

الحرص على الطاعة المتواصلة

قال ﷺ: “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل” (رواه البخاري ومسلم)، فاجعل صيام الإثنين والخميس عادة دائمة لا موسمية.

شكر الله على نعمه

صيام يوم مولد النبي ﷺ هو شكر لله على إرسال الرحمة للعالمين. وهذا هو المعنى الصحيح، بعيدًا عن مظاهر الاحتفال المحدثة.

أقوال العلماء في استحباب صيام الإثنين والخميس

  • الإمام ابن القيم رحمه الله قال: “في صيام هذين اليومين سرٌّ بديع، إذ هما يومان تُرفع فيهما الأعمال، فكان من الأدب أن يُرفع العمل والعبد في حال عبادة”.

  • و الإمام النووي قال في شرح مسلم: “استحب العلماء صوم يوم الإثنين والخميس لِما ورد فيهما من الأحاديث الصحيحة، وفيه شكرٌ لله على النعم ورفعٌ للدرجات”.

  • وابن باز رحمه الله قال: “صوم الاثنين والخميس سنة مؤكدة، حث عليها النبي ﷺ ورغَّب فيها، وهي من النوافل التي تقرِّب العبد من ربه”.

كيف تُحيي سنة الإثنين والخميس عمليًا؟

  • ابدأ بنية صادقة، واجعلها خالصة لله، ولا تُخبر أحدًا بصومك.

  • تجهِّز لليوم مسبقًا، وخفِّف من طعام الليل ليستعين جسدك على الصوم.

  • احرص على قراءة ورد من القرآن ولو صفحة بعد الفجر.

  • اجعل الإفطار خفيفًا ودعاءً حاضرًا: قال ﷺ: «للصائم دعوة لا تُرد».

  • اجعل المساء وقتًا للتفكر ومحاسبة النفس، فتعرض عملك أنت أيضًا على نفسك كما تُعرض على ربك.

الأخطاء الشائعة التي يقع فيها بعض الناس في فضل الإثنين والخميس

  • اعتقاد أن الصوم واجب، فالصوم في هذين اليومين مستحب وليس فرضًا.

  • البدع الاحتفالية كإحياء ليلتي الإثنين والخميس بطرقٍ مبتدعة لم ترد عن النبي ﷺ.

  • الإفراط في الزهد أو الإهمال، فكلاهما مذموم؛ فالاعتدال هو السنة.

في الختام، فضل الإثنين والخميس ليس في كونهما يومين عاديين من الأسبوع، بل لأنهما موسمان متكرران للغفران والارتقاء، ففيهما تُعرض أعمال العباد على رب العالمين، وفيهما تُمحى الذنوب ويُستجاب الدعاء وتُصفَّى القلوب، فمن أراد أن يكون عمله مقبولًا، وقلبه سليمًا، وروحه نقيَّة، فليجعل هذين اليومين موعدًا دائمًا مع السماء.

واحرص أن تكون حين يُرفع عملك إلى الله في حال طاعة وصوم، فقد قال ﷺ: «فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم»، فيا من تطلب الجنة وتخاف النار اجعل من الإثنين والخميس جسرًا بينك وبين رضا الله، وموعدًا أسبوعيًا لتوبة جديدة وعبادة صافية، فما أجمل أن يُرفع عملك إلى الله وأنت صائم، وقلبك مطمئن، ولسانك ذاكر، وروحك متصلة بربها.

المصدر

1، 2، 3، 4، 5

زر الذهاب إلى الأعلى
Index