السبع الموبقات… الإسلام دينٌ حريص على بناء مجتمع قوامه العدل والإيمان والإنسانية السامية، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف حذر النبي ﷺ من بعض الكبائر التي تهدم أساس هذا البناء وتهدد الإنسان في دنياه وآخرته.
هذه الكبائر عُرفت في الإسلام باسم الموبقات السبع وهي مصطلح يشير إلى الذنوب العظيمة التي تجلب الهلاك والدمار لفاعلها.
في هذا المقال سنتناول هذه الكبائر بتفصيل يعين القارئ على فهم معناها وأضرارها وكيفية الوقاية منها.
ما هي السبع الموبقات؟
الموبقات السبع هي الكبائر التي حذر منها النبي ﷺ في حديثه الشريف:
“اجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: الشرك بالله، السحر، قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، أكل الربا، أكل مال اليتيم، التولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات” (رواه البخاري ومسلم).
هذه الكبائر تصرفات تهدد صلب القيم الأخلاقية والإنسانية التي يقوم عليها المجتمع وتؤدي إلى فساد شامل لا يقتصر أثره على الفرد فقط بل يمتد ليشمل المجتمع ككل.
السبع الموبقات | المعنى |
الشرك بالله | إشراك غير الله في العبادة أو الألوهية وجعل ند لله مثل عبادة الأصنام أو الاعتقاد بأن هناك من يملك صفات الله. |
السحر | ممارسة أعمال خفية تعتمد على الشعوذة والتعاويذ لإحداث الضرر أو تغيير الأحوال بغير حق. |
قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق | إنهاء حياة إنسان بريء دون مبرر شرعي مثل القتل العمد أو الإعدام خارج القانون. |
أكل الربا | أخذ أو إعطاء فوائد مالية مُضاعفة على القروض أو المعاملات المالية بغرض الاستغلال. |
أكل مال اليتيم | الاستيلاء على أموال الأيتام بغير وجه حق، ويُعد ذلك تعديًا على حقوقهم واعتداءً على ضعفهم. |
التولي يوم الزحف | الفرار من ساحة المعركة دون سبب مشروع، فذلك يؤدي إلى إضعاف الصفوف وإضعاف المجتمع. |
قذف المحصنات الغافلات المؤمنات | اتهام النساء العفيفات بالفاحشة دون دليل قاطع، فذلك يسيء إلى سمعتهن ويشيع الفتنة. |
السبع الموبقات في القرآن الكريم
الشرك بالله
الشرك هو أعظم الذنوب وأكبرها وهو أن يجعل الإنسان مع الله شريكًا في العبادة أو الألوهية سواء كان ذلك صنمًا، أو شخصًا، أو أي شيء آخر، ويقول الله تعالى في كتابه الكريم:
“إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ” (سورة النساء، الآية 48).
الشرك يُنسف التوحيد الذي هو أصل الإيمان ويسبب خللًا عميقًا في علاقة الإنسان بخالقه وانحراف في المجتمع والتشجيع على عبادة غير الله واتباع الأهواء، وكذلك الاعتقاد أن هناك قوى خفية تتحكم بالكون بخلاف الله.
السحر
ذُكر السحر في القرآن كفعل خطير يؤدي إلى الكفر يستخدم الساحر فيه السحر للإضرار بالآخرين من خلال التلاعب بالطبيعة أو الاستعانة بالجن، والله تعالى يقول: “وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ” (سورة البقرة، الآية 102).
السحر يُفرق بين الأزواج ويدمر العلاقات الاجتماعية ويقود إلى الابتعاد عن الله والاستعانة بالباطل.
قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
الحياة مقدسة في الإسلام وقتل النفس بغير حق يُعتبر جريمة عظيمة، فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: “وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا” (سورة النساء، الآية 93).
لكن هناك حالات يجوز فيها القتل مثل إقامة حدود الله كعقوبة القاتل العمد والدفاع عن النفس أو الوطن في حالات العدوان.
قتل النفس يؤدي إلى فقدان الأمن المجتمعي وتفكك الروابط الاجتماعية بسبب الثأر والانتقام.
أكل الربا
الربا يعني استغلال حاجات الآخرين من خلال فرض فوائد ظالمة، وقد حذر الإسلام منه لأنه يؤدي إلى فساد اقتصادي، فالله تعالى يقول: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً” (سورة آل عمران، الآية 130).
وسبب تحريم الربا أنه يُعمق الفجوة بين الأغنياء والفقراء ويُحول الاقتصاد إلى وسيلة للاستغلال بدلًا من التعاون.
ومن أشكال الربا المعاصر القروض البنكية بفوائد مرتفعة وعقود التمويل غير العادلة.
أكل مال اليتيم
اليتيم هو الشخص الذي فقد والده وهو صغير، وذلك يجعله بحاجة ماسة إلى الرعاية وأكل أمواله ظلمًا يُعتبر من أسوأ الجرائم في الإسلام، فالله تعالى يقول: “إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا” (سورة النساء، الآية 10).
فأكل أموال اليتيم يؤدي إلى كسر نفسيته وفقدانه للثقة بالآخرين، وكذلك انتشار الظلم والطمع في المجتمع.
التولي يوم الزحف
التولي يوم الزحف يعني الفرار من ساحة المعركة دون عذر مشروع، وفي الإسلام يُعد هذا الفعل جريمة لأنه يُضعف الأمة، والله تعالى يقول: “وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ” (سورة الأنفال، الآية 16).
فالفرار من ساحة المعركة يكسر معنويات الجنود ويُعريض الأمة للهزيمة.
قذف المحصنات الغافلات المؤمنات
قذف المحصنات هو اتهام النساء العفيفات بالفاحشة دون دليل شرعي، والله تعالى يقول: “إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ” (سورة النور، الآية 23).
فهذه الكبيرة تؤدي إلى تشويه سمعة الأبرياء وانتشار الفتن والفساد الأخلاقي.
لماذا حذرنا الرسول من الموبقات السبع؟
حذرنا الرسول ﷺ من السبع الموبقات لما لها من أثر مدمر على حياة الفرد، فتُفسد دينه وأخلاقه وتُعرضه لعقوبات شديدة في الدنيا والآخرة كالشرك بالله، فهو أعظم هذه الذنوب لأنه يُبعد الإنسان عن الله ويفقده مغفرته ورحمته ويستوجب الخلود في النار، كما قال تعالى: “إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ”، وكذلك السحر من الكبائر التي تفسد القلوب والعقول وتؤدي إلى الكفر حيث قال النبي ﷺ: “من أتى كاهنًا أو عرّافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد”.
فعقوبة مرتكب الموبقات السبع شديدة في الدنيا والآخرة، وكل موبقة من هذه الموبقات تحمل في طياتها خطرًا حقيقيًا على المجتمع والفرد.