إعرف دينكأسئلة

متى تكون صلاة قيام الليل؟ وما كيفية صلاة قيام الليل؟

تعرف على كل ما يخص صلاة قيام الليل

متى تكون صلاة قيام الليل؟ وما كيفية صلاة قيام الليل؟

صلاة قيام الليل، ليست كل اللحظات في العمر سواء، فبعض الأوقات تُولد فيها الروح من جديد، وتتنفس فيها القلوب خارج ضجيج العالم، ومن بين هذه اللحظات تلك التي تكون فيها وحدك في عمق الليل، والمدينة نائمة، والعالم ساكن، وأنت تقف في الظلمة، لا لأنك تائه، بل لأنك وجدت النور أخيرًا.

قيام الليل نداء خفي لا يلبِّيه إلا من تعلَّق قلبه بالسماء، وهي صلاة لا تُفرض لكنها تكشف عن صدق العلاقة، وحرارة المحبة، وحنين العبد لربِّه.

سنتعرف في هذا المقال على “متى تكون صلاة قيام الليل؟ وما كيفيتها؟”، ونفتح لك بابًا لرؤية هذه العبادة كما يراها الذين ذاقوا طعمها، أولئك الذين انكسرت قلوبهم في السجود، ثم عادوا للحياة أقوى.

ما معنى قيام الليل؟

قيام الليل اصطلاحًا هو الاشتغال بالصلاة أو الذكر أو تلاوة القرآن في جزء من الليل، سواء كان قليلاً أو كثيرًا، والإمام النووي رحمه الله: “قيام الليل يتحقق بصلاة ركعتين فأكثر في أي جزء من الليل، ولو بعد النوم أو قبله”، وأصل التعبير مستمد من قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا” [سورة المزمل، الآيتين 1-2].

وقد ربط الله عز وجل بين قيام الليل وتقواه، وبين قيام الليل وشرف المؤمن، والنبي ﷺ قال: “عليكمْ بقيامِ الليلِ فإنَّه دأبُ الصالحينَ قبلكمْ، و قربةٌ إلى اللهِ تعالى، و منهاةٌ عنِ الإثمِ، و تكفيرٌ للسيئاتِ، و مطردةٌ للداءِ عنِ الجسدِ” [حديث صحيح].

متى تكون صلاة قيام الليل؟ وما كيفية صلاة قيام الليل؟
متى تكون صلاة قيام الليل؟ وما كيفية صلاة قيام الليل؟

متى يبدأ وقت صلاة قيام الليل؟

اتفق الفقهاء على أن قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء وحتى طلوع الفجر، وهو الوقت الممتد بين العشاء وطلوع الفجر الصادق، ففي هذا الوقت يُستحب أن يُصلى العبد ما شاء الله له أن يصلي سواء في أوله أو أوسطه أو آخره، وإن كان أفضل وقت القيام هو الثلث الأخير من الليل، وقد استدل العلماء على ذلك بحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ” [رواه البخاري ومسلم].

والثلث الأخير من الليل هو الوقت الأثمن، والأشرف، والأقرب للإجابة، لأنه وقت نزول الله جل وعلا إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله، كما في الحديث الصحيح: “ينزلُ اللهُ كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا ، حين يبقى ثلثُ الليلِ الآخرِ ، فيقولُ: من يدعوني فأستجيبُ له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرُني فأغفرُ له” [رواه البخاري ومسلم].

وفي هذا الوقت تتنزل الرحمات، وتُجاب الدعوات، ويكتب الله فيه الأجور لمن قام وصلى ودعا واستغفر، ولذلك كان قيام الليل في هذا الوقت أرفع درجات القرب إلى الله تعالى.

هل يشترط النوم قبل صلاة قيام الليل؟

سؤال يرد كثيرًا، وجوابه كما بيَّن العلماء أن صلاة قيام الليل لا يُشترط فيه النوم قبلها، فمن صلى بعد العشاء مباشرة ركعات بنية قيام الليل، فله الأجر بإذن الله، لكن التهجد وهو أحد أنواع قيام الليل يُشترط فيه النوم قبله، أي أن التهجد أخص من قيام الليل.

قال ابن حجر رحمه الله: “التهجد هو الصلاة في الليل بعد نوم، وقيام الليل يشمل كل صلاة في الليل، سواء سبقها نوم أم لا” [فتح الباري].

عدد ركعات صلاة قيام الليل

صلاة قيام الليل ليس لها عدد ثابت، ولكن النبي ﷺ كان غالبًا لا يزيد على إحدى عشرة ركعة منها الوتر،، ويمكنك أن تصلي ركعتين أو أربعًا أو ستًا أو ثمانيًا، حسب قدرتك، وتُصلى ركعتين ركعتين، فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سَأَلَ رَجُلٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: ما تَرَى في صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: “مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى واحِدَةً، فأوْتَرَتْ له ما صَلَّى”. وإنَّه كانَ يقولُ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بهِ. [رواه البخاري ومسلم].

كيفية صلاة قيام الليل

النية الصادقة

علينا أن ندرك أن قيام الليل هو مقام عظيم تتجلى فيه خشية القلب وخضوع النفس، حيث يقف العبد بين يدي الله يناجيه ويناجي ربه في وقت السكون، ولذلك أول شرط في قيام الليل هو النية الصادقة، بأن تنوي بقلبك أنك تقوم لله خالصًا، لا رياءً ولا عادة، بل حبًا وطلبًا للقرب والمغفرة، والنبي ﷺ: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى” [رواه البخاري ومسلم].

الوضوء

توضأ كما تتوضأ للصلاة العادية، مع استحضار نية الطهارة من الذنوب، واستشعار أنك مقبل على الله في وقت شريف.

الاستفتاح والدعاء قبل الصلاة (إن شئت)

يمكنك قبل الشروع أن تقول دعاء الاستفتاح مثل:  اللَّهمَّ ربَّ جبريلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ عالِمَ الغيبِ والشَّهادةِ أنتَ تحكُمُ بينَ عبادِكَ فيما كانوا فيهِ يختلِفونَ اهدِني لما اختُلِفَ فيهِ منَ الحقِّ بإذنِكَ إنَّكَ تهدي من تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيمٍ [رواه مسلم].

تبدأ بركعتين خفيفتين

في أول ركعتين اقرأ الفاتحة وسورة خفيفة مثل الإخلاص أو الفلق، لترطب القلب وتُهيِّئ النفس، ثم زد في القراءة بعد التهيئة، فصلِّ ركعتين وابدأ بقراءة أطول، فمثلاً الركعة الأولى الفاتحة وسورة البقرة من أولها (ما تيسر)، والركعة الثانية الفاتحة وما تيسر من آل عمران أو النساء… إلخ، وليس شرطًا أن تكون حافظًا للقرآن الذي تُصلي به، فيمكنك أن تقرأ من المصحف أو الهاتف إذا كنت تصلي نافلة وحدك.

 أطل الركوع والسجود

اجعل الركوع والسجود ميدان خشوعك الحقيقي، وأكثر من التسبيح والدعاء، ففي الركوع: “سبحان ربي العظيم” ثلاثًا أو أكثر، وفي السجود: “سبحان ربي الأعلى” ثم دعاء من قلبك: “اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني…”، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال:”أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ” [رواه مسلم].

صلاة الوتر بعد صلاة قيام الليل

الوتر ركعة واحدة تُختم بها صلاة قيام الليل، ويجوز أن تصليها ركعة واحدة فقط أو ثلاثًا (ركعتين ثم ركعة)، أو خمسًا أو سبعًا حسب القدرة.

وتقول في الركعة الأخيرة من الوتر بعد الركوع: “اللهم اهدِني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولَّني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقِني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعزُّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت”.

الدعاء بعد التسليم

لاتترك لحظة الدعاء بعد الصلاة، ففيها بركة، وقل ما في قلبك من رجاء، وبث له حزنك، واطلب ما تتمنى، واستغفر كثيرًا وقل: “اللهم اجعلني من أهل قيام الليل، وثبت قلبي على ذكرك”.

هل يمكن صلاة قيام الليل جالسًا؟

نعم،يجوز صلاة قيام الليل جالسًا إن كان المُصلي مريضًا أو عاجزًا عن القيام، فيُصلي جالسًا، وله الأجر الكامل بإذن الله، والنبي ﷺ قال: “مَن صلَّى قائمًا فهو أفضَلُ، ومَن صلَّى قاعدًا فله نِصفُ أجرِ القائمِ، ومَن صلَّى نائمًا فله نِصفُ أجرِ القاعدِ” [رواه البخاري]، لكن إن جلست لعذرٍ شرعي (مرض، تعب، كِبر)، فلك الأجر تامًا بإذن الله، كما قال ﷺ: “إذا مرضَ العبدُ أو سافرَ كتبَ لَهُ من العملِ ما كانَ يعملُهُ وَهوَ صحيحٌ مقيمٌ” [رواه البخاري].

هل صلاة قيام الليل تُجزئ عن الوتر؟

لا، فصلاة الوتر مستقلة، وتُصلى بعد القيام، وهي سنة مؤكدة، وقد أوصى بها النبي ﷺ حتى في السفر، فقال: “يا أَهلَ القُرآنِ ،أَوتِروا؛ فإنَّ اللهَ وِترٌ يُحِبُّ الوِترَ” [رواه الترمذي].

🔹 قد يظن البعض أن قيام الليل خاص بالزهاد والعباد، أو بالعلماء والفقهاء، لكن الحقيقة أنه دعوة مفتوحة لكل مسلم ومسلمة، حتى من أذنب، فقيام الليل هو سبيله للتوبة، حتى من ضعفت عزيمته، فإن قيام الليل هو بداية التغيير.

🔹 من ابتُلي، أو شعر بضيق، أو أرهقته الهموم، فدواؤه في قيام الليل، ويقول الإمام ابن القيم: “إذا هجرك الناس، فلا تهجر مناجاة الله في الليل، ففي الليل تنفرج الكرب، وتنزل الرحمات، وتُشرح الصدور”، وقد كان السلف إذا ضاق صدر أحدهم، أو أصابه همٌّ عظيم، قام الليل واستغاث بربه، فيرى الفرج عيانًا لا وهمًا، فقيام الليل شفاءٌ للمهمومين، ودواءٌ للقلوب، ومفرجٌ للكروب.

🔹وهل تعلم أن كثيرًا من العلماء والعباقرة لم يكونوا من النائمين طوال الليل؟، بل كان لقيام الليل دور في صفاء أذهانهم، وقوة بصيرتهم، وذلك لا يقتصر على علوم الدين، بل يشمل من أراد التوفيق في عمله، دراسته، علاقاته.

خطوات عملية للاستمرار على صلاة قيام الليل

  • اجعل نيتك صادقة، وعاهد الله على المداومة ولو بركعتين.

  • نم مبكرًا، ولا تتأخر عن النوم لتستطيع الاستيقاظ.

  • واظب على دعاء الاستيقاظ: قل: “الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور”.

  • لا تبدأ بالكثير، وابدأ بركعتين، وزد بالتدريج.

  • اقرأ سورًا تحبها، فليس شرطًا أن تحفظ الكثير.

  • صلِّ بخشوع، وتدبُّر، ولا تتعجل.

  • استشعر مراقبة الله، فهذا وقت خلوة مع الله.

  • اطلب حاجتك، وابكِ، واشكُ، وناجِ ربك بما في قلبك.

  • اجعل لك وردًا ثابتًا، فالتزامك اليومي يُحبِّب إليك الصلاة.

  • سجِّل تطورك، واحتفظ بدفتر أو تطبيق لمتابعة أيام قيامك.

في الختام، عرفنا “متى تكون صلاة قيام الليل؟ وما كيفيتها؟”، فيا أيها القارئ الكريم، قيام الليل ليس مجرد صلاة فقط، بل هو مدرسة يُربَّى فيها القلب، ويُصفَّى فيها العقل، وتُغسل فيها الذنوب، كما أن قيام الليل ميراث النبيين، ومشعل العارفين، وميدان السابقين، وأمان الخائفين، فلا تؤجل قيام الليل لغدٍ، فغدٌ لا يأتي أحيانًا، وربما تُكتب الليلة من القائمين بين يدي الله، وتذكر قول النبي ﷺ: “واعلمْ أنْ شرفَ المؤمنِ قيامُهُ بالليلِ” [رواه الطبراني].

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index