إعرف دينكفتاوىفتاوى عامة

كيفية التيمم وحكمه وأسبابه مع توضيح فرائضه وسننه

حكم التيمم في الإسلام

كيفية التيمم وحكمه وأسبابه مع توضيح فرائضه وسننه

التيمم، الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وجعل لنا في الدين يسرًا، والصلاة والسلام على رسول الله الذي بيَّن الشرائع وأرشدنا إلى الطهارة في كل أحوالنا، ويُعد التيمم من رحمة الله بعباده وتيسيره في أداء العبادات، حيث شرَّعه بديلاً عن الوضوء والغسل عند تعذُّرهما، فما هو التيمم؟ وما هي أحكامه وكيفيته؟.

تعريف التيمم

التيمم لغة: القصد.
واصطلاحًا: إيصال التراب الطاهر إلى الوجه واليدين بنية التطهر، ليقوم مقام الوضوء أو الغسل عند عدم وجود الماء أو العجز عن استعماله بقصد التطهر.

التيمم يرفع الحدثين

يرفع التيمم الحدثين: الأصغر (البول، البراز، الريح)، والأكبر (الجنابة، الحيض، النفاس)، ويكون بدلًا عن الوضوء والغُسل في أحوال خاصة، والله عز وجل يقول: “وَإِنْ كُنْتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (سورة المائدة: الآية 6).

وقد اختص الله عز وجل أمة الإسلام بهذه النعمة، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فُضِّلْنا علَى النَّاسِ بثَلاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنا كَصُفُوفِ المَلائِكَةِ، وجُعِلَتْ لنا الأرْضُ كُلُّها مَسْجِدًا، وجُعِلَتْ تُرْبَتُها لنا طَهُورًا، إذا لَمْ نَجِدِ الماءَ وذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى” (رواه مسلم).

مشروعية التيمم

شُرع التيمم تيسيرًا وتخفيفًا ورحمة بالمسلمين، فقد رُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت (ضاعت وفُقدت)، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسًا من أصحابه في طلبها، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم، فقال أُسيد بن خُضير: جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل اله لك منه مخرجًا، وجعل للمسلمين فيه بركة (رواه البخاري).

أسباب التيمم

يقوم التيمم مكان الوضوء والغُسل من الحدث الأصغر والأكبر، في الحضر والسفر، وذلك للأسباب الآتية:

إذا لم يجد الماء الكافي للطهارة

في حالة إذا لم يجد المحدث ماءً، أو وجد ماءً قليلًا لا يكفي لطهوره، وجب عليه أن يجتهد في طلب الماء أولًا إلا المرأة تُعفى من هذا الطلب إن خافت على عرضها، فإن لم يجده وخاف خروج الوقت تيمم، وإن ظن أنه سيجد الماء قبل خروج الوقت انتظر، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، ” إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ” (رواه الترمزي).

المرض المانع من استعمال الماء

من كان به جرح أو مرض، وخاف من استعمال الماء زيادة المرض أو تأخر الشفاء، أو ألمًا لا يُحتمل، فله أن يتيمم، فعن جابر رضي الله عنه قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجر، فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أُخبر بذلك، فقال: “قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ (الجهل) السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ” (رواه أبو داود).

إذا كان الماء شديد البرودة، وخاف الضرر باستعماله

في حالة كان الماء شديد البرودة، ولم يقدر على تسخينه، وغلب على ظنه حصول ضرر باستعماله فله أن يتيمم، فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: احْتَلَمتُ أي أصابه جنابة) في ليلةٍ باردةٍ في غَزوةِ ذاتِ السَّلاسِلِ،فأَشْفقتُ (أي خفت) إنِ اغْتَسَلتُ أنْ أَهْلِكَ (أي يمرض أو يموت من شدة البرد)، فتيمَّمتُ ثُمَّ صَلَّيتُ بأصحابِيَ الصُّبْحَ، فذَكَروا ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: “يا عمرُو، صلَّيتَ بأصحابِكَ وأنتَ جُنُبٌ؟” فأَخْبرتُه بالَّذي مَنَعَني مِنَ الاغْتِسالِ، وقلتُ: إنِّي سَمِعتُ اللهَ يقولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (سورة النساء، الآية 29)، فضَحِكَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولَمْ يَقُلْ شيئًا (رواه أبو داود).

وجود الماء مع العجز من استعماله ولو لخوف

في حالة توفر الماء مع عجز الشخص من استعماله حتى لو كان لمجرد خوفه من استعماله يجوز له التيمم.

وجود الماء مع الحاجة إليه في طعام أو شراب

في حالة وجود الماء، لكنه يكفي للشراب والطعام فقط، حتى لو كان لشرب وإطعام الحيوان، وإحتاج إليه لعجن أو إزالة نجاسة، وكان الماء على قدر هذه الحاجة، فإنه يجوز للشخص التيمم والاحتفاظ بما معه من ماء لحاجته.

وجود الماء مع خوف خروج الوقت باستعماله

إذا وجد الماء، وكان قادرًا على استعماله، لكنه خشي خروج الوقت إن استعمله في وضوء أو غُسل، فإنه يتيمم ويُصلي، ولا إعادة عليه.

كيفية التيمم وحكمه وأسبابه مع توضيح فرائضه وسننه
حكم التيمم

حكمة التيمم

الأصل في العبادات التعبد دون الالتفات إلى المعاني والحكم والمقاصد، فالعبد عبد، والرب رب، وللرب أن يأمر وينهي، وعلى العبد أن يسمع ويُطيع، والامتثال لأمر الله عز وجل باستعمال التراب في الطهارة إظهار لكمال العبودية لله عز وجل، فالمسلم يعلم أن الله عزيز حكيم لا يأمر بشيء عبثًا، بل في أمره كله حكمة، قد تغيب عنا، وقد نعلم بعضها، ونجهل بعضها، وكم من أمور تعبدنا الله بها لم نكن نعرف سرها، ثم تقدم العلم وكشف عما في أمر الله ونهيه من حكم ومنافع.

فالله عندما أمرنا بالتطهر كان يريد منا تطهير الظاهر، وتطهير الباطن، وتطهير الظاهر يكون بالوضوء والغُسل، وهما وسيلتان لتطهير الباطن كذلك من وسوسة الشيطان، وكذلك التيمم يؤدي إلى تطهير الباطن من الوساوس والشكوك؛ فلا يُحدثه الشيطان أن صلاته باطلة، أو غير مقبولة، وفي تشريع التيمم رفع للحرج، ودفع للمشقة، لذلك قال الله عز وجل في آخر آية التيمم: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (سورة المائدة: الآية 6).

فرائض التيمم

النية:

النية أو فريضة من فرائض التيمم، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمِا الأَعمَالُ بِالنِّيَّاتِ” (رواه البخاري)، فينوي بقلبه إتيان التيمم الشرعي لرفع الحدث؛ للتجهز لعبادة الله عز وجل بصلاة أو غيرها، والنية عمل قلبي لا يلزم التلفظ به باللسان.

الصعيد الطاهر:

لقول الله عز وجل “فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا” (سورة النساء: الآية 43)، والصعيد الطيب هو وجه الأرض ترابًا أو غيره، فيجوز التيمم بالتراب الطاهر، وبكل ما كان من جنس الأرض وله غبار كالرمل والحجر وغيره من أي مكان طاهر، وقد تيمم النبي صلى الله عليه وسلم من على جدار، فعن أبي الجهيم الأنصاري رضي الله عنه قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جملٍ، فَلَقِيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام (رواه البخاري).

الضرب باليدين على الصعيد الطاهر:

اختلف العلماء في عد ضرب اليدين على الصعيد الطاهر، فمنهم من قال: إنهما ضربتان، ومنهم من قال: ضربة واحدة، فعن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت، فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: “إَنَّمَا كَانَ يَكفِيكَ أَن تَصنَعَ هَكَذَا”، فضرب بكفه ضربةً على الأرض ثم نفضها، ثم مسح بهما ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بهما وجهه (رواه البخاري).

مسح الوجه واليدين:

لقوله سبحانه وتعالى: “فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ” (سورة المائدة، الآية 6)، ويكتفي في اليدين بالكفين إلى الرسغين، كما ورد في حديث عمار، وهو أصح حديث في هذا الباب، وقال البعض: إن مَسَحَهما إلى المرفقين جاز وصح تيممه.

ويجب عند مسح الكفين نزع الخاتم والأساور، أو تحريكهما إن كانا واسعين.

المولاة:

أن يتم متابعة تيمم الأعضاء بعد عضو دون أن ينشغل المتيمم بعمل يقطع تيممه، ويُعد انصرافًا عنه، ويرى بعض الفقهاء أنها سنة.

سنن التيمم

 1- التسمية.            2- السواك.             3- التيامن.             

4- نفض اليدين أو النفخ فيهما قبل وضعهما على الوجه.

لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمار السابق، أنه ضرب بكفه ضربةً على الأرض ثم نفضها، وفي روايات أخرى: فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما (رواه البخاري).

كيفية التيمم بالخطوات شاملة السنن

1- عقد النية في القلب على التيمم بديلاً عن الوضوء أو الغُسل؛ لإباحة ما كان يمنعه الحدث كالصلاة وغيرها، مع عدم التلفظ بها.

2- التسمية: قول بسم الله.

3- يضرب الصعيد الطاهر بكفيه ضربة واحدة.

4- ينفخ في كفيه أو ينفضهما.

5- يمسح وجهه بكلتا يديه.

6- يمسح كفيه بعضهما ببعض مخللاً بين أصابعه.

نواقض التيمم

1- ما ينقض الوضوء:

كل ما ينقض الوضوء ينقض التيمم مثل خروج شيء من السبيلين، والنوم المستغرق، وزوال العقل، ومس الفرج بدون حائل، وملامسة النساء بشهوة.

2- وجود الماء:

إذا وجد المتيمم الماء قبل أن يصلي وقدر على استعماله قبل خروج الوقت وجب عليه التطهر به، أما إن وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة، فلا إعادة عليه، وإن كان الوقت باقيًا؛ لحديث أبي سعيد الخدري السابق ذكره، ولكن يجب عليه التطهر بالماء فور حصوله عليه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر السابق ذكره:” فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ” (رواه الترمزي).

3- خروج وقت الصلاة التي تيمم لها:

ينتقض التيمم وتزول الطهارة به بخروج وقت الفريضة التي تيمم لها؛ ويجب عليه أن يتيمم للوقت الجديد إن استمر سببه، فيصلي بالتيمم الواحد فرضًا واحدًا وما شاء من النوافل في وقته، ويرى الأحناف أن التيمم كالوضوء لا يُنتقض إلا بالحدث، وعليه فإنه يجوز له أن يصلي به ما شاء من الفرائض والنوافل حتى يُحدث، ويشترط بعض الفقهاء انتظار دخول وقت الصلاة المفروضة للتيمم.

الحكم عند فقدان الطهورين

اختلف العلماء فيمن لم يجد ماءً يتوضأ منه أو يغتسل، ولا موضعًا طاهرًا يتيمم منه، بأنه كان محبوسًا في مكان نجس، أو كان مربوطًا، هل يُصلي، أم يُؤخر الصلاة ثم يقضي، أم تسقط عنه الصلاة؟ وإذا صلى هل تجب عليه الإعادة عند وجود ما يتطهر به أم لا تجب؟.

والراجح في هذه الأقوال هو أنه تجب عليه الصلاة، ولا تجب عليه الإعادة، وإن كانت الإعادة مستحبة، وقال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: قوله: “فصلوا بغير وضوء” فيه دليل على أن من عَدِمَ الماء والتراب يُصلي على حاله. ثم سرد الآراء في هذه المسألة، ومنها: تجب الصلاة ولا تجب الإعادة، فقال: وهو أقوى الأقوال دليلًا، فإنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إيجاب إعادة مثل هذه الصلاة.

في الختام، نجد أن التيمم نعمة عظيمة ووسيلة شرعية تُظهر رحمة الإسلام وواقعيته في التعامل مع الظروف المختلفة، فمن رحمة الله بعباده أن جعل الأرض مسجدًا وطهورًا، ليتيسر للإنسان أداء عبادته في أي زمان ومكان دون مشقة أو عناء، فاللهم اجعلنا من المتطهرين في الظاهر والباطن، ووفقنا لاتباع شرعك في كل أمورنا.

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock