فوائد قراءة سورة الملك، سورة الملك المعروفة أيضًا باسم تبارك واحدة من السور المكية التي تحمل بين آياتها معاني عظيمة ودروسًا مستفادة لكل مسلم، فهي تتحدث عن ملك الله وقدرته المطلقة على الكون، وعن عواقب الأعمال في الدنيا والآخرة، والنبي صلى الله عليه وسلم اهتم بفضل هذه السورة، وأوصى بالمداومة على قراءتها لما لها من أجر عظيم وحفظ من عذاب القبر.
نستعرض في هذا المقال فضل سورة الملك، وفوائدها الروحية والنفسية، وكيف يمكن أن تكون جزءًا من حياة المسلم اليومية.
سورة الملك مكتوبة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
“تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿1﴾ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴿2﴾ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ ﴿3﴾ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴿4﴾ وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ﴿5﴾ وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿6﴾ إِذَآ أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ ﴿7﴾ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ۖ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَآ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴿8﴾ قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ۖ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴿9﴾ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿10﴾ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿11﴾ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴿12﴾ وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ۖ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿13﴾ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴿14﴾ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴿15﴾ ءَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴿16﴾ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ ﴿17﴾ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴿18﴾ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ۚ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَٰنُ ۚ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴿19﴾ أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَٰنِ ۚ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ ﴿20﴾ أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ۚ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ ﴿21﴾ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴿22﴾ قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴿23﴾ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿24﴾ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعِيدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿25﴾ قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴿26﴾ فَلَمَّا رَءَاوهُ زُلْفَةً سَّاءَ وَجُوهَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَٰذَا الَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ ﴿27﴾ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ أَوْ رَحِمَنِيَ ۖ فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿28﴾ قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۚ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿29﴾ قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاءُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمُ بِمَاءٍ مَّعِينٍ ﴿30﴾”
فضل سورة الملك
الحماية من عذاب القبر
جاء في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “سورة تبارك هي المانعة، هي المنجية من عذاب القبر” (رواه الترمذي وحسنه الألباني)، فتتجلى أهمية سورة الملك كدرع يحمي المسلم من أهوال القبر وعذابه، وذلك ما يُطمئن النفس ويحثها على المواظبة على قراءتها.
الشفاعة يوم القيامة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غُفر له، وهي سورة تبارك الذي بيده الملك” (رواه أبو داود وصححه الألباني)، ويؤكد هذا الحديث أن سورة الملك وسيلة للحصول على مغفرة الله وشفاعته.
تبني الإيمان لدى المسلم
الرسائل التي تحملها سورة الملك تذكر المسلم دومًا بمحدودية قوته أمام قدرة الله، فتدفعه إلى التوكل عليه.
فضائل أخرى لسورة الملك
سورة الملك تدعو للتفاؤل
تتحدث السورة عن قدرة الله على تغيير الحال وتحقيق المستحيل، وذلك يبث في قلب القارئ شعورًا بالثقة في رحمة الله.
سبب لجلب البركة في الحياة
المداومة على قراءة السورة تجلب البركة في الصحة، والعمر، والعمل، والرزق.
تحفيز للتقرب من الله
قراءة السورة تجعل المسلم أكثر وعيًا بعظمته سبحانه وتعالى، وذلك يدفعه للتقرب منه بالصلاة والعبادات الأخرى.
فوائد قراءة سورة الملك قبل النوم
إدراك الهدف من الخلق
تتحدث السورة عن الحكمة من خلق الموت والحياة: “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا” (سورة الملك، الآية 2)، فهذا التذكير يجعل المسلم يعيد النظر في أفعاله، محاولًا أن يكون من المحسنين الذين يعملون الصالحات.
غرس التوكل على الله
تبدأ السورة بتبيان ملكية الله المطلقة: “تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (سورة الملك، الآية 1)، فهذا الإقرار يعيد للمسلم شعور الطمأنينة بأن كل أمر بيد الله، مما يقلل من القلق والضغوط النفسية التي يشعر بها.
راحة النفس قبل النوم
القرآن الكريم كله شفاء، لكن قراءة سورة الملك قبل النوم تمنح القلب راحة استثنائية؛ لأنها تذكر المؤمن برحمة الله وعدله.
حماية من وساوس الشيطان
حماية النفس من وساوس الشيطان هي إحدى فوائد قراءة سورة الملك قبل النوم العظيمة، فعندما يقرأ المؤمن السورة يجد في كلماتها ملجأً من شرور الشيطان وأعوانه، وذلك يمنحه نومًا هادئًا وأحلامًا مطمئنة، فالله تعالى: “وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ” (سورة الإسراء، الآية 82)، فالقرآن الكريم بما في ذلك سورة الملك يعد حصنًا يحمي النفس من الشرور الداخلية والخارجية.
تهدئة الأعصاب
قراءة السورة قبل النوم تهيئ العقل والجسد للدخول في حالة من السكينة، مما يساعد على النوم العميق.
تعزيز الإيجابية
التأمل في آيات السورة يغرس قيمًا إيجابية مثل الرضا، والتوكل على الله، والأمل في رحمته.
تقوية الروابط الأسرية
إذا قرأت السورة جماعيًا مع أفراد الأسرة، فإنها تكون سببًا في نشر البركة داخل البيت وتقوية الروابط بينكم.
التفكر في خلق الله فائدة من أعظم فوائد قراءة سورة الملك قبل النوم
سورة الملك تدعو المؤمن إلى استخدام عقله للتفكر في عظمة خلق الله، فالله تعالى يقول: “الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ” (سورة الملك، الآية 3)، وهذه الدعوة إلى التأمل تجعل القارئ يتفاعل مع عظمة الله وإتقانه في خلق الكون، مما يزيد من يقينه بقدرة الله وحكمته.
كيف تجعل قراءة سورة الملك عادة يومية؟
- خصص بضع دقائق يوميًا لقراءة السورة قبل النوم، واجعلها جزءًا من روتينك الليلي، مثل الوضوء وصلاة الوتر.
- إذا كنت متعبًا ولا تستطيع القراءة يمكنك الاستماع إليها بصوت قارئ تحبه، فالاستماع له نفس التأثير الروحي والنفسي.
- ابدأ بحفظ السورة آية تلو الأخرى، فالحفظ يعزز من علاقتك بالآيات ويجعل قراءتها أكثر سهولة.
- استخدم تفسيرًا موثوقًا مثل تفسير ابن كثير أو القرطبي لفهم معاني آيات سورة الملك بعمق والتدبر في معانيها.
الدروس المستفادة من سورة الملك
العمل الصالح أساس النجاة
تؤكد السورة أن الغاية من الحياة هي الإحسان في العمل: “لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا” (سورة الملك، الآية 2)، فالعمل الصالح هو ما يميز الإنسان عند الله، لا كثرة العمل دون إخلاص.
الإيمان بالجزاء والحساب
تخاطب السورة قلوب المؤمنين بالتذكير بيوم الحساب، حيث يقول الله تعالى: “وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ” (سورة الملك، الآية 10)، فهذا التنبيه يجعل المسلم يراجع أفعاله ويتجنب المعاصي.
ملكية الله المطلقة
تفتح السورة بإعلان عظمة الله وملكيته لكل شيء، وذلك يعيد للمسلم شعور التوكل والرضا بما قسمه الله له.
في الختام، بعد أن قدمنا فوائد قراءة سورة الملك قبل النوم، وفضلها نجد أنها وسيلة للتأمل في خلق الله، وتصحيح النية، وحماية النفس من عذاب القبر، وجلب الطمأنينة للنفس، فلنجعل سورة الملك زادًا يوميًا لنا، ولنحرص على قراءتها بتدبر وخشوع، سائلين الله أن يجعلها شفيعة لنا يوم القيامة، وأن يحفظنا من عذاب القبر.
المصدر