زكاة المال... أنواعها وشروطها ونصابها - إقرأ يا مسلم
إعرف دينكعبادات

زكاة المال… أنواعها وشروطها ونصابها

تعرف على أنواع زكاة المال ونصابها وشروطها

زكاة المال… أنواعها وشروطها ونصابها

زكاة المال، فرض الله عز وجل الزكاة على المسلمين تطهيرًا لأموالهم، ورحمة بالفقراء، ووسيلة لتحقيق العدالة الاجتماعية، ولأن أموال الناس تختلف في طبيعتها، فقد شملت الزكاة أنواعًا متعددة من المال، ولكل نوع أحكامه وضوابطه ومقاديره، حسب ما جاء في الكتاب والسنة، وبيَّنه علماء الإسلام، والله عز وجل قال في كتابه: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ (سورة التوبة، الآية 103)، وقال عز وجل أيضًا: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ﴾ (سورة البقرة، الآية 43)، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ” (رواه البخاري ومسلم).

ما هي زكاة المال؟

زكاة المال فريضة مالية شرعها الله عز وجل تؤخذ من أموال الأغنياء وتُعطى للفقراء، بشروط مخصوصة وضمن أنصبة محددة، وهي حقٌ واجبٌ في مال المسلم إذا بلغ نصابًا وحال عليه الحول، وتُعد ركنًا راسخًا من أركان الإسلام الخمسة، وطهرة للنفس ونماءٌ للمال.

قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب (5/293): “الزكاة هي تمليك مالٍ مخصوصٍ لمستحقه بشرطٍ مخصوص، وهي فريضةٌ على كل مسلمٍ مالكٍ للنصاب، بشرط تمام الملك، وبلوغ الحول في الأموال التي يُشترط لها الحول”.

وجاء في “المغني” لابن قدامة (ج2/ص487): “الزكاة حقٌ يجب في الأموال على وجه مخصوص، لطائفة مخصوصة، وتُخرج تطهيرًا للنفس والمال”.

وفي “المجموع” للنووي (ج5/ص293): “الزكاة تمليك مالٍ لمستحقه على وجه القربة، وهي واجبة بإجماع المسلمين، وهي من أعظم أركان الإسلام”.

ما هو نصاب زكاة المال؟ ومتى تجب الزكاة؟

النصاب هو الحد الأدنى من المال الذي إذا بلغه المسلم، وجبت عليه الزكاة، بشرط أن يمر عليه حول هجري كامل وهو في ملكه، فنصاب الذهب 85 جرامًا من الذهب الخالص تقريبًا، ونصاب الفضة 595 جرامًا من الفضة الخالصة تقريبًا.

متى تجب الزكاة؟

تجب الزكاة إذا بلغ المال النصاب، ومر عليه حول هجري كامل (أي 354 يومًا تقريبًا)، وكان المال ناميًا (أي قابلًا للنماء، مثل النقود، التجارة، الذهب…).

ما مقدار الزكاة المفروض في المال؟

المقدار الواجب في زكاة المال هو ربع العشر، أي 2.5% من المال، والزكاة حق مفروض، وما زاد عنها فهو من فضل الصدقة والتطوع.

مثال تطبيقي:

من كان يملك 100,000 ريال سعودي، ومر عليه عام هجري كامل، فإن زكاته تكون: 100,000 × 2.5% = 2,500 ريالًا سعوديًا.

أنواع زكاة المال؟

زكاة النقود والعملات الورقية

هي الزكاة المفروضة على الأموال النقدية من عملات محلية أو أجنبية (مثل الجنيه، الريال، الدولار) متى ما بلغت النصاب وجب إخراج الزكاة منها، ويُحسب النصاب بالقيمة المعادلة للفضة أو الذهب، كما سبق أن وضحنا، ومقدارها 2.5% من إجمالي المال إذا بلغ النصاب.

زكاة الذهب والفضة

هي الزكاة المفروضة على الذهب والفضة، سواء كانت سبائك أو عملات أو غيرها، بشرط أن لا يكون معدًا للاستعمال الشخصي (كالحُلي للمرأة إن كان مُعدًّا للاستعمال المعتاد، ففيه خلاف)،ويمر عليه الحول الهجري كاملًا ومقدارها كما وضحنا من قبل.

حكم الذهب المُعد للزينة

عند جمهور العلماء لا زكاة على الذهب الذي تُستعمله المرأة في الزينة المعتادة، وعند الحنفية وبعض المعاصرين فيه زكاة إن بلغ النصاب، وهو الراجح في زماننا لكثرة الزينة، والأحوط إخراج الزكاة عنه.

مثال تطبيقي:

امرأة تملك ذهبًا يزن 100 جرام، وسعر الجرام 3000 ريال، هكذا إجمالي القيمة = 300,000 ريال، إذن فالزكاة = 2.5% = 7500 ريال.

زكاة عروض التجارة

وهي زكاة على السلع المملوكة بقصد البيع والشراء، وتشمل جميع أنواع التجارة مثل الملابس، والإلكترونيات، والعقارات، والأدوات، والمواد غذائية…إلخ، ويجب أن تبلغ النصاب، ويمر عليها حول هجري كامل.

كيفية زكاة عروض التجارة

تُسعر البضائع بسعر البيع يوم الزكاة (لا سعر الشراء)، ويُضاف إلى ذلك النقود الموجودة في الخزينة، والديون الجيدة المرجوة السداد، وتُخصم الديون الواجبة حالًا.

مثال عملي:

تاجر لديه بضائع تُساوي 500,000 ريال، ونقدًا 100,000 ريال، وعليه ديون حالَّة بقيمة 50,000 ريال، إذن صافي المال = 600,000 – 50,000 = 550,000 ريال، وبالتالي الزكاة = 2.5% = 13,750 ريالًا.

زكاة الأسهم والسندات

الأسهم هي حصص ملكية في شركة مساهمة، وتُمكن صاحبها من الحصول على أرباح الشركة وحق التصويت في اجتماع المساهمين، أما السندات هي أوراق دين تُصدرها الحكومات أو الشركات لجمع التمويل، ويتم بموجبها وعد بسداد مبلغ معين مع فائدة محددة.

زكاة الأسهم والسندات من المسائل المالية الحديثة، وتجب الزكاة على الأسهم إذا بلغت قيمتها النصاب وحال عليها الحول، سواء كانت مملوكة للاستثمار طويل الأمد أو بغرض المتاجرة، وتخرج الزكاة بنسبة 2.5% من القيمة السوقية للأسهم وقت حلول الزكاة، وبعض الشركات تُخرج الزكاة نيابةً عن المساهمين. في هذه الحالة، يُراجع المستثمر التقارير المالية لتجنب التكرار.

أما السندات الإسلامية (الصكوك)، فهي تخضع لنفس الحكم، بينما السندات الربوية التي تدفع فوائد ثابتة محرمة، والزكاة لا تُطهِّر مالًا حرامًا، لذلك لا تُزكِّى، ويجب على المسلم أن يحسن تقدير القيمة ويستشير العلماء لضمان إخراج الزكاة على الوجه الشرعي الصحيح، فهذه العبادة تطهر المال وتنميه، وتحقق التكافل بين أفراد المجتمع.

زكاة الزروع والثمار

زكاة واجبة في الحبوب والثمار التي تُكال وتُدَّخر (كالقمح، التمر، الشعير…)، حيث قال الله تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (سورة الأنعام، الآية 141)، وشروطها أن تكون مما يُكال ويُدَّخر، وأن تبلغ النصاب (ما يعادل 653 كجم تقريبًا)، ومقدارها إن كانت تسقى بماء السماء (الأمطار) 10%، وإن كانت تسقى بآلة أو تكلفة 5%، أما إن كانت مختلطة 7.5%.

زكاة الماشية (بهيمة الأنعام)

تشمل زكاة الماشية (الإبل، االبقر، الغنم)، وشروطها أن تبلغ النصاب الشرعي، وأن ترعى غالب السنة في المراعي (سائمة)، ولابد أن تكون معدَّة للنماء لا للاستهلاك أو البيع بالتجزئة.

ونصابها من الإبل من كل 5 فيها شاة واحدة، ومن كل 10 شاتان، ومن كل 25 بنت مخاض، ثم تصاعديًا بحسب الجدول الفقهي المعروف،ونصابها من البقر من كل 30 بقرة تبيع أو تبيعة، ومن كل 40 مسنَّة، ومن نصاب الغنم من كل 40 شاة واحدة، ومن كل 121 شاتان، ومن كل 201 إلى 300 ثلاث شياه، وهكذا كما بين الجدول الفقهي.

زكاة الركاز (الكنوز)

هي الزكاة الواجبة على ما يُستخرج من الأرض من كنوز مدفونة من الذهب والفضة، ومقدارها الخُمس (20%) عند العثور عليها مباشرة، ولا يشترط فيها حول ولا نصاب.

شروط وجوب زكاة المال في الإسلام

الإسلام

الزكاة عبادة، ولا تُقبل من كافر، فلا تجب إلا على المسلم، والله تعالى قال: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ} (سورة التوبة، الآية 54).

الحرية

اتفق العلماء على أن الزكاة لا تجب على العبد؛ لأنه لا يملك المال ملكًا تامًا، إذ إن ماله لسيده.

البلوغ (عند بعض المذاهب)

اختلف العلماء في اشتراط البلوغ لوجوب الزكاة، فذهب الحنفية إلى أنه شرط، فلا تجب الزكاة إلا على البالغ العاقل، لكن الراجح قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، ويخرجها وليَّه، ويستندون بذلك على أن الزكاة حق متعلق بالمال نفسه لا بشخص المالك.

ملك النصاب

يشترط أن يبلغ المال النصاب الشرعي، وهو مقدار محدد يختلف بحسب نوع المال، ففي النقود ما يعادل 85 جرامًا من الذهب، وفي الفضة ما يعادل 595 جرامًا.

تمام الملك

أن يكون المال مملوكًا لصاحبه ملكًا تامًا، ويتمكن من التصرف فيه تصرفًا كاملاً، وليس تحت حجر أو منع.

مضي الحول (سنة هجرية كاملة)

يجب أن يمر على المال سنة هجرية كاملة منذ تملكه بالنصاب، إلا في الزروع والثمار، فإن الزكاة تجب فيها عند الحصاد، لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (سورة الأنعام، الآية 141).

خلو المال من الدين المستغرق

إذا كان على صاحبه دين يستغرق النصاب أو يُنقصه عن حد الوجوب، فلا تجب الزكاة، وذلك مذهب كثير من الفقهاء، أما إن بقي بعد سداد الدين مال يبلغ النصاب وجبت الزكاة فيه.

مصارف زكاة المال

بيَّن الله عز وجل في كتابه من هم المستحقون الحقيقيون للزكاة، فقال: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ (سورة التوبة، الآية 60).

وهؤلاء ثمانية أصناف:

  • الفقراء من لا يجدون ما يكفي حاجتهم الأساسية.

  • المساكين من يملكون أقل من حاجتهم.

  • العاملون عليها من يعملون في جمع وتوزيع الزكاة.

  • المؤلفة قلوبهم من يُراد تأليفهم للإسلام أو تثبيتهم عليه.

  • في الرقاب أي تحرير العبيد، وفي عصرنا يدخل فيه فك أسر المظلومين.

  • الغارمون من أثقلتهم الديون ولم يستطيعوا السداد.

  • في سبيل الله أي في الجهاد والدعوة ونشر العلم الشرعي.

  • ابن السبيل المسافر المنقطع الذي لا يستطيع الرجوع لبلده.

ولا يجوز صرف الزكاة في بناء المساجد أو المدارس أو شراء الكُتب، إلا إذا دخلت ضمن مصارف في سبيل الله بحكم خاص، وبفتوى معتبرة.

زكاة المال... أنواعها وشروطها ونصابها
مصارف زكاة المال

الحكمة من فرض الزكاة في الإسلام

  • تطهير النفس والمال، الزكاة تُطهِّر النفس من الشح، وتُزكِّي القلب من الأثرة، وتربِّي المسلم على البذل والعطاء، كما تُطهِّر المال نفسه، فتكون سببًا في بركته ونمائه ودوامه، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ما نقصت صدقةٌ من مالٍ” (رواه مسلم).
  • تحقيق التكافل الاجتماعي، فالزكاة جسر رحمة بين الغني والفقير، وبها تسدُّ الحاجات، وتُقضى الديون، وتُرعى الأرامل واليتامى، وتُقوَّى المجتمعات الضعيفة، وتقل الفجوة بين الطبقات.

  • إرساء مبدأ العدالة الاقتصادية، فالزكاة تمنع التكدس المالي في أيدي فئة قليلة، وتُعيد توزيع الثروة بشكل شرعي عادل.

  • دوام البركة ونماء المال، فالزكاة ليست نقصانًا، بل سببًا في نماء المال وزيادته، كما وعد الله من أنفق في سبيله بالخُلف والعوض، فقال سبحانه: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} (سورة سبأ، الآية 39).

  • الزكاة تذكير دائم للمسلم أن المال الذي بين يديه هو وديعة من الله، وأن عليه أن يصرفه كما أمره مولاه، وأن لا يكون عبدًا للدرهم والدينار، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تعِس عبدُ الدينارِ ، تعِس عبدُ الدرهمِ” (رواه البخاري)، فالمؤمن يُخرِج الزكاة وهو يعلن بلسان حاله: “يا رب، هذا مالك، أنفقتُ منه كما أمرت، لا كما أردت”.
  • بناء مجتمع متراحم مستقر، فما أجمل أن ترى مجتمعًا لا جائع فيه ولا مكسور، لأن القادر فيه يُخرج زكاته طيبة بها نفسه، فيصل بها المحتاج، ويُغني بها فقيرًا، ويمسح بها دمعة يتيم، فتجعل الزكاة  الناس شركاء في النعم لا خصومًا حولها، وذلك يُنشئ مجتمعًا خاليًا من الأحقاد الطبقية.

الفرق بين الزكاة والصدقة

الزكاة فرض واجب على من توفرت فيه الشروط، أما الصدقة نافلة تطوعية يُثاب عليها المسلم، لكن كليهما يُطهِّران المال، ويدفعان البلاء، ويقربان العبد إلى الله.

هل تجوز زكاة المال على الأقارب؟

نعم، إن لم يكونوا ممن تلزمك نفقتهم (كالوالدين والأبناء)، فإنك تُعطِي الزكاة للإخوة أو الأعمام أو أبناء العم أو الأقارب المحتاجين، وتُؤجر أجر الزكاة وصلة الرحم، والنبي ﷺ قال: “الصدقةُ على المسكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صدقةٌ وصِلَةٌ” (رواه النسائي).

هل تُجزئ الزكاة عن الضرائب؟

لا، فالضرائب إلزام قانوني من الدولة، أما الزكاة فهي عبادة مفروضة من الله عز وجل، لا تسقط بالضرائب، وقال العلماء : الزكاة ركن ديني تعبدي، والضرائب التزام مدني، ولا يُغني أحدهما عن الآخر.

هل يجوز تعجيل الزكاة؟

نعم، يجوز تعجيل الزكاة قبل حولان الحول إذا دعت الحاجة، كوجود فقراء شديدي الاحتياج.

ماذا يفعل من نسي أو أخَّر الزكاة؟

يجب عليه إخراجها فورًا، والتوبة إلى الله، وحساب الزكاة بأثر رجعي منذ تاريخ الوجوب.

في الختام، بعد أن تعرفنا على ما هي زكاة المال، وأنواعها وشروطها، وكذلك نصابها نجد أن زكاة المال ليست فقط خصمًا من المال، بل إضافة في البركة، ورفع للبلاء، ورضى من الله، وسببٌ في تطهير النفس من الشح، فلنُراجع أنفسنا، هل أدينا زكاة أموالنا كما أمرنا الله؟، وهل وُضعت في مواضعها الشرعية؟، وهل نوينا بها وجه الله لا رياءً ولا سمعة؟.

فيا من رزقك الله، لا تبخل بزكاتك، ولا تؤخِّرها، فإنها حقٌ معلوم، في مالك، أوجبه الله، واستحضر قول الله في كل مرة تُخرج فيها الزكاة: ﴿مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ (سورة البقرة، الآية 245).

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock