حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12وهل يجوز التأخير؟ - إقرأ يا مسلم
إعرف دينكأسئلة

حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12وهل يجوز التأخير؟

تعرف على حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12

حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12وهل يجوز التأخير؟

حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين… لا يخفى على مسلم أهمية الصلاة في حياة الإنسان، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وعليها مدار صلاح العبد في الدنيا والآخرة، والنبي ﷺ قال: «أولُ ما يحاسبُ بهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصَّلاةُ ، فإنْ صَلَحَتْ ، صَلَحَ سائِرُ عَمَلِه ، و إنْ فَسَدَتْ فَسَدَ سائِرُ عَمَلِه» (رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني).

وقد فُرضت الصلاة في السماء السابعة ليلة الإسراء والمعراج، ويدل ذلك على عظم شأنها. ولهذا كانت المحافظة عليها من أولى أولويات المسلم الحق، لا سيما أداؤها في أوقاتها المشروعة التي بيَّنها الله تعالى في كتابه ورسوله ﷺ في سنته.

ومن الصلوات الخمس المفروضة، تأتي صلاة العشاء، ولها خصوصية خاصة من حيث وقتها وحكم تأخيرها، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح هو: ما حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12؟

هذا ما سنبينه بالتفصيل في هذا المقال مستندين إلى أدلة القرآن والسنة وأقوال الفقهاء حول هذا الأمر.

حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12وهل يجوز التأخير؟
حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12

تحديد وقت صلاة العشاء في الشريعة الإسلامية

قال الله عز وجل: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ (سورة الإسراء، الآية 78)، وقد فسر العلماء غسق الليل بأنه وقت صلاة العشاء، كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ، عندما سُئل عن وقت الصلوات، قال في بيان العشاء: «ووقت العشاء إلى نصف الليل» (رواه مسلم).

يبدأ وقت صلاة العشاء بمغيب الشفق الأحمر، أي عندما تختفي الحمرة في الأفق بعد غروب الشمس، ويمتد وقتها اختياريًا إلى منتصف الليل الشرعي، وليس منتصف الليل الفلكي أو بحسب الساعة، وهذا خطأ يقع فيه كثير من الناس.

كيف نحسب منتصف الليل الشرعي؟

نحسب الوقت من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، ثم نقسم المدة على اثنين، فلو كان غروب الشمس الساعة 6 مساءً، وطلوع الفجر الساعة 4 صباحًا، فالمدة بينهما 10 ساعات، ثم نقسمه على اثنين يصبح 5 ساعات، إذن منتصف الليل الشرعي يكون في الساعة 11 مساءً.

وهكذا نفهم أن منتصف الليل قد يختلف حسب طول الليل وقصره، ولا علاقة له بالساعة 12 ليلًا بشكل مطلق.

حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12

هل تأخير العشاء بعد منتصف الليل جائز؟

اتفق جمهور العلماء على أن تأخير صلاة العشاء بعد نصف الليل الشرعي بغير عذر، مكروه كراهة شديدة عند بعضهم، ومحرم عند آخرين.

قال النووي رحمه الله: “اتفق العلماء على أن آخر وقت العشاء الاختياري إلى نصف الليل، وأن تأخيرها عنه بلا عذر مكروه أو محرم” (شرح صحيح مسلم)، وقال ابن قدامة المقدسي: “فإن أخرها إلى نصف الليل أثم بغير عذر” (المغني).

التأخير مع وجود عذر شرعي

لا إثم على من أخر الصلاة حتى بعد نصف الليل شرط وجود عذر شرعي، بل يؤديها متى زال العذر، والعذر الشرعي قد يكون نوم غلبه، أو نسيان دون عمد، أو مرض يمنع صلاته، أو حبس قهري أو موانع قاهرة.

وعن أنس بن مالك أن النبي ﷺ قال: “مَن نَسيَ صَلاةً أو نامَ عنها، فإنَّ كَفَّارتَها أنْ يُصَلِّيَها إذا ذكَرَها” (رواه البخاري ومسلم)، وبذلك فإن تأخير صلاة العشاء بسبب عذر لا يؤاخذ عليه المسلم، بل يجب عليه المبادرة بالصلاة فور زوال العذر.

أقوال المذاهب الأربعة في حكم تأخير صلاة العشاء بعد منتصف الليل

  • يرى مذهب الحنفية أن وقت العشاء يمتد إلى طلوع الفجر، لكن يكره تحريماً التأخير عن نصف الليل بغير عذر، ويقول الكاساني: “التأخير عن نصف الليل مكروه تحريماً” (بدائع الصنائع).
  • مذهب المالكية يرون أن وقت العشاء ينتهي عند منتصف الليل، ومن أخرها وجب عليه القضاء، مع الكراهة الشديدة للتأخير.
  • يفرق مذهب الشافعية بين وقت الاختيار ووقت الضرورة، فوقت الاختيار ينتهي بنصف الليل، وينتهي وقت الاختيار بنصف الليل، أما وقت الضرورة يبقى إلى طلوع الفجر، ويكره التأخير بلا عذر، وقال النووي: “الواجب أداؤها قبل نصف الليل لمن لم يكن له عذر” (روضة الطالبين).
  • مذهب الحنابلة يوافق الشافعية أن وقت الاختيار ينتهي بنصف الليل، ويبقى وقت الضرورة حتى الفجر، مع الكراهة للتأخير.

هل تأخير صلاة العشاء إلى قبيل الفجر جائز؟

يجوز تأخير صلاة العشاء قبيل الفجر مع وجود عذر شرعي، أما بغير عذر فهو محرم عند جمهور العلماء، والصحيح أن الصلاة تبقى أداءً إلى طلوع الفجر، لكنها تكون مع الإثم إن وقع التأخير عمدًا بلا سبب، وقال ابن باز رحمه الله: “تأخير صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل منكر عظيم، ولا يجوز، بل يجب على المسلم أن يحتاط في ذلك” (مجموع فتاوى ابن باز).

متى يكون تأخير صلاة العشاء مستحبًا؟

قد يكون تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها (قبل منتصف الليل) مستحبًا في بعض الأحوال إذا لم يشق على الجماعة رغم أن الأصل هو المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “لولا أنْ أشُقَّ على أُمَّتي لأخَّرتُ العِشاءَ إلى ثُلُثِ اللَّيلِ الأوَّلِ” (رواه البخاري)، ولهذا يجوز للمسجد أن يؤخر إقامة صلاة العشاء قليلاً إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك، مع عدم تجاوز منتصف الليل الشرعي.

كيف تحافظ على أداء صلاة العشاء قبل منتصف الليل؟

  • اضبط منبهك قبل منتصف الليل بساعة على الأقل.

  • احرص على أداء العشاء فورًا بعد المغرب إن أمكن.

  • صلِّ في المسجد مع الجماعة؛ فالجماعة تشجعك على الالتزام.

  • لا تؤجل الصلاة بحجة الانشغال، فالصلاة أولى من كل شيء.

  • ذكر نفسك دائمًا بأن أداء الصلاة في أول وقتها من أحب الأعمال إلى الله.

ماذا تفعل إذا غلبك النوم وتأخرت في صلاة العشاء؟

قم للصلاة فور استيقاظك، ولا تعيد الصلاة إلا إذا فات وقتها كاملاً (أي طلوع الفجر)، وعندها تُصلى بنية القضاء، استغفر الله، وتب إليه، واسأله الإعانة على المحافظة على الصلاة.

حكم صلاة العشاء قضاءً إذا فات الوقت

إذا فات وقت العشاء (بطلوع الفجر) ولم يُصلها المسلم، فإنه يجب عليه أن يصليها قضاءً فور استيقاظه أو تذكره، فالنبي ﷺ قال: «مَن نَسِيَ صلاةً فلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها، لا كفارةً لها إلا ذلك» (رواه مسلم).

خلاصة حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12 الشرعي

بناءً على ما تقدم من أدلة وأقوال علماء، فإن حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12 يتلخص في النقاط الآتية:

  • إذا كان التأخير عن منتصف الليل الشرعي بلا عذر، فهو محرم أو مكروه تحريماً شديدًا.

  • إذا كان التأخير لعذر، فلا إثم، ويجب أداء الصلاة عند التمكن.

  • تأخير الصلاة إلى قبيل الفجر جائز مع العذر، أما مع التكاسل فهو إثم عظيم.

  • المحافظة على أداء صلاة العشاء قبل منتصف الليل من علامات التوفيق والنجاح في الدنيا والآخرة.

في الختام، بعد أن تعرفنا على حكم تأخير صلاة العشاء بعد الساعة 12، تذكر أيها القارئ الكريم أن المحافظة على الصلاة من أعظم علامات الإيمان، فلا تجعل الدنيا تشغلك عن فرض الله، فإن الصلاة نور، وتركها ظلمة، والله تعالى يقول في كتابه: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ (سورة الماعون، الآيات 4-5، فلنبادر جميعًا إلى إقامة الصلاة، ولنجعل صلاة العشاء خاصة من أولوياتنا اليومية، ونسأل الله أن يثبتنا على الطاعة، ويجعلنا من أهل الصلاة الذين قال عنهم: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ (سورة المؤمنون، الآيات 1-2)، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock