القران الكريم

أول 10 آيات من سورة الكهف للحفظ (الحماية من الدجال)

فضل أول 10 آيات من سورة الكهف للحفظ من فتنة الدجال

Spread the love
أول 10 آيات من سورة الكهف للحفظ (الحماية من الدجال)

ما هو فضل أول 10 آيات من سورة الكهف للحفظ من فتنة الدجال؟

سورة الكهف من السور القرآنية التي تحمل في آياتها نورًا وهداية، وقد حثَّ النبي ﷺ على قراءتها لما فيها من حماية من الفتن، وطمأنينة للقلب، وتثبيت للعقيدة، ومن بين آياتها تميَّزت أول عشر آيات منها بخصوصية عظيمة؛ فهي سِتر من فتنة المسيح الدجال، وحصن للمؤمن من الانزلاق وراء الخداع والضلال.

سنقدم في هذا المقال تفسير أول عشر آيات من سورة الكهف، لنفهم سر ارتباطها بالحماية من الدجال، وما تحمل من معاني عقدية وروحية تُحيي الإيمان في القلب.

فضل سورة الكهف 

سورة الكهف من السور التي ورد في فضلها أحاديث صحيحة منها ما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ: “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين” (رواه الحاكم وصححه الألباني).

وهذا الفضل العظيم يشير إلى أن السورة تُنير حياة المؤمن بالهداية والبصيرة، وتقيه من ظلمات الفتن، كما أنها من السنن المستحبَّة التي يحرص عليها أهل الإيمان يوم الجمعة.

أول عشر آيات من سورة الكهف مكتوبة

                                               بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ (1) قَيِّمٗا لِّيُنذِرَ بَأۡسٗا شَدِيدٗا مِّن لَّدُنۡهُ وَيُبَشِّرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرًا حَسَنًا (2) مَّٰكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا (4) مَّا لَهُم بِهِۦ مِنۡ عِلۡمٖ وَلَا لِأٓبَآئِهِمۡۚ كَبُرَتۡ كَلِمَةٗ تَخۡرُجُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَٰخِعُُ نَّفۡسَكَ عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِمۡ إِن لَّمۡ يُؤۡمِنُواْ بِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَسَفًا (6) إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَيُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَٰعِلُونَ مَا عَلَيۡهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8) أَمۡ حَسِبۡتَ أَنَّ أَصۡحَٰبَ ٱلۡكَهۡفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنۡ ءَايَٰتِنَا عَجَبًا (9) إِذۡ أَوَى ٱلۡفِتۡيَةُ إِلَى ٱلۡكَهۡفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ ءَاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحۡمَةً وَهَيِّئۡ لَنَا مِنۡ أَمۡرِنَا رَشَدًا (10).

أول 10 آيات من سورة الكهف للحفظ (الحماية من الدجال)
أول 10 آيات من سورة الكهف

أول عشر آيات من سورة الكهف في الأحاديث النبوية

عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “مَن حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ”، وفي رواية أخرى قال شعبة: من آخر الكهف، وقال همام: من أول الكهف، كما قال هشام‌‌ (صحيح مسلم).

ويُبين هذا الحديث الصحيح أن النبي ﷺ أرشد أمَّته إلى حفظ هذه الآيات العشر، لما فيها من معاني تُحصِّن القلب، وتغلق أبواب الفتنة التي قد يأتي بها الدجَّال من خوارق ومظاهر باطلة تخدع الأبصار.

قال الإمام النووي في “شرح صحيح مسلم”: “في هذا الحديث دليلٌ على استحباب قراءة هذه الآيات العشر من أول الكهف لحفظها والتحصن بها من فتنة الدجال”.

وقال ابن حجر العسقلاني: “المراد بالحفظ إما الحفظ اللفظي أي تلاوتها، أو المعنوي أي تدبّرها وفهم معانيها والعمل بمقتضاها”.

وقال ابن القيم في “زاد المعاد”: “هذه الآيات اشتملت على أصول النجاة من الفتن: العلم، والعمل، والاعتزال عن أهل الباطل”.

لماذا أمرنا النبي ﷺ بحفظ أول 10 آيات من سورة الكهف بالتحديد للحماية من فتنة الدجال؟

فتنة الدجال هي أعظم فتنة تمر بالبشر منذ خلق الله آدم، كما قال النبي ﷺ: «مَا بَينَ خَلقِ آدمَ إِلى قِيامِ السَّاعةِ أَمرٌ أَكبَرُ مِن الدَّجَالِ، وَأَنُّه مَا مِن نبيٍّ إِلَّا وَقَد أَنذَر بِه أُمتَه، وَأَنَّه يَجِيءُ مَعَه بِمِثلِ الجَنَّةِ والنَّارِ، فَالتي يَقُولُ إِنَّهَا جَنَّةٌ نَارٌ تَحرِقُ، والتي يَقُولُ إِنَّهَا نَارٌ مَاءٌ عَذبٌ طَيبٌ، فَمَن أَدركَ ذَلِك مِنكُم فَليَقَعْ فيه» (رواه مسلم)، وهذه الفتنة تقوم على تشويه العقيدة وإغراء الناس بمظاهر القدرة والخداع حتى يظنوا أن الدجال هو رب العالمين.
أما أول عشر آيات من سورة الكهف، فهي تبدأ بإثبات التوحيد وتنزيه الله عن الولد والشريك، وتنتهي بالإشارة إلى قصة أصحاب الكهف الذين فرُّوا بدينهم من الفتنة، فآواهم الله برحمته، فكأن هذه الآيات تقول للمؤمن: طريق النجاة من الفتن هو التوحيد الخالص واللجوء إلى الله كما فعل الفتية الصالحون.

تفسير أول 10 آيات من سورة الكهف

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا﴾
ابتدأ الله السورة بالحمد، وهو الثناء المطلق، ليذكِّرنا بأن القرآن أعظم نعمة أنزلها على عباده.
“وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا” أي لم يجعل فيه خللًا ولا اختلافًا ولا تناقضًا، بل هو الكتاب المستقيم الذي يهدي إلى الصراط المستقيم، فمن أراد النجاة من الفتن، فليجعل القرآن مرجع قلبه الأول، فلا ينحرف يمينًا ولا يسارًا.

﴿قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾
القرآن قيم أي مستقيم في ذاته، ومقيم على غيره، ويُنذر بالعقوبة من يكذِّب، ويبشِّر من آمن، فالمؤمن الذي يعيش بين الخوف والرجاء هو من يستقيم على صراط الله، فلا تزعزعه الفتن.

﴿مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا﴾
هذه بشارة للمؤمنين بالخلود في الجنة، وتأكيد على أن وعد الله حق لا يتبدل، فالتمسُّك بالعمل الصالح هو طريق الأمان من الفتن في الدنيا والآخرة.

﴿وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾
هذه الآيات تحارب أصل الانحراف العقدي الذي يقوم على الشرك بالله ونسبة الولد إلى الله، وهو لب فتنة الدجَّال الذي يدَّعي الربوبية، والحماية الحقيقية تبدأ من تصحيح العقيدة وتنقية التوحيد من كل شبهة.

﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾
تخاطب الآية النبي ﷺ لتخفف عنه حزنه على المكذبين، فالداعية الحق يحزن لضلال الناس، لكنه لا ييأس؛ فالهداية بيد الله، لا بيد البشر.

﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾
تذكير بأن الدنيا بزخرفها ليست سوى اختبار، ففتنة الدجال تعتمد على الإبهار والزينة، وهذه الآية تُدرِّب القلب على رؤية الحقيقة خلف المظاهر.

﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾
كل ما يفتن الأبصار من جمال الدنيا زائل، وسيصبح ترابًا يابسًا، فلا تركن إلى الدنيا، فالمغرور بها يسقط أول من يسقط في الفتن الكبرى.

﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾

تدخل الآية إلى قصة الفتية الذين فرُّوا بدينهم من فتنة قومهم، فاللجوء إلى الله هو أول طريق النجاة من الفتن، كما نجَّاهم الله في الكهف ينجِّي المؤمنين من فتن آخر الزمان.

الدروس المستفادة من أول 10 آيات من سورة الكهف

  • أن الله وحده هو الهادي والرازق والحافظ، فلا تُخدع بقدرات الدجَّال أو الدنيا.

  • أن الحق يبقى وإن قل أهله، كما كان أصحاب الكهف فتيانًا معدودين فخلَّدهم الله بآياته.

  • أن الهروب إلى الله ليس ضعفًا بل قوة، فكل مؤمن يفر بدينه من الفتنة فهو شجاع ثابت.

ما العلاقة بين أول 10 آيات من سورة الكهف وفتنة الدجال؟

الدجال يأتي بخدع عظيمة تزلزل القلوب الضعيفة، فيُري الناس الجنة والنار، ويُظهر الخوارق التي تفتن البسطاء، لكن من كان قلبه مملوءًا بالإيمان والتوحيد كما تؤكده هذه الآيات، فلن يُفتن مهما رأى من العجائب، لأنه يعلم أن الله وحده هو القادر، وأن الدنيا دار ابتلاء، وقد ذكر العلماء أن أصحاب الكهف نموذج سابق لمواجهة الفتنة بالعقيدة الصافية، ولذلك خُتمت الآيات العشر بإشارتهم، وكأنها تقول للمؤمن: “اثبت كما ثبت الفتية، وآوِ إلى كهف الإيمان، فالله هو الذي يهيِّئ لك الرشاد”.

كيفية حفظ أول عشر آيات من سورة الكهف

الحفظ لا يعني مجرد الترديد، بل أن تحفظها في قلبك وعقلك وروحك. إليك طريقة عملية:

  •  اقرأها يوميًا بعد الفجر، فساعة الصباح أنقى لحفظ القرآن.
  • استمع إلى قارئ متقن مثل الحصري أو المنشاوي، وردِّد خلفه.
  • اكتبها بيدك في دفتر خاص بالآيات للحفظ.

  •  تأمَّل معانيها كل يوم، فالفهم يعزز الحفظ.

  • ادعُ بدعاء الفتية: “ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا”.

  • كرِّرها في صلاتك، فالتلاوة في القيام تُثبِّت الحفظ أكثر من أي طريقة.

فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له نور بين الجمعتين” (رواه الحاكم وصححه الألباني)، فقراءة السورة يوم الجمعة تجلب نورًا معنويًا يُضيء حياة المؤمن، كما أن تلاوة أول عشر آيات منها تحصِّنه من أعظم الفتن، لذلك يُستحب الجمع بين الأمرين قراءة السورة كاملة يوم الجمعة، وحفظ أول عشر آيات منها دائمًا.

في الختام، نجد أن أول عشر آيات من سورة الكهف برنامج حياة لحماية القلب من الفتنة الكبرى والصغرى، ومن كل ما يزلزل العقيدة لدى العبد، فهي دروس في التوحيد، والصبر والزهد في الدنيا والثقة في الله، فمن جعلها زادًا لقلبه، وجد فيها حصنًا من كل فتنة مهما عظمت.

احفظها، وتدبَّرها، وردِّدها في صلاتك، وكن من الذين قال فيهم الله تعالى: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾

اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصَّتك، ووفِّقنا لحفظ كتابك وفهمه والعمل به، واجعل نور سورة الكهف في قلوبنا وحصنًا لنا من كل فتنة.

المصدر

1، 2

زر الذهاب إلى الأعلى
Index