إعرف دينكمواضيع تعبير دينية

أسرار اسم الله الحفيظ وفوائده… أسماء الله الحسنى

تعرف على معنى اسم الله الحفيظ وأسراره

أسرار اسم الله الحفيظ وفوائده… أسماء الله الحسنى

(اسم الله الحفيظ)، يحتاج القلب البشري إلى أن يتشبث بمعاني الأمان الحقيقي في زمن كثُرت فيه الفتن واشتدت، وتقلبت فيه الأحوال، وليس هناك أصدق ولا أعمق من التعلق باسم من أسماء الله الحسنى يُشعرك بالأمان، ويغمرك بالسكينة، ويجعلك ترى يد العناية الإلهية تحوطك من كل جانب، ذلك هو اسم الله الحفيظ، الذي إذا فقهه العبد وتعلَّق به، شعر أن الكون كله محفوظ بحفظ الله، وأن قلبه وبدنه ودينه وعرضه في كنف الله لا تضيع.

معنى اسم الله الحفيظ

الحفظ في اللغة هو الصيانة والمنع من الضياع أو التلف أو الزوال، ومنه قولهم: “حفظت الشيء” أي صُنته من الفساد والنسيان والضياع، وقد جاء في لسان العرب لابن منظور: “الحفيظ هو الذي لا يغفل عن شيء، ولا يعجزه حفظ شيء”.

والحفيظ في الإصطلاح تعني الذي يحيط بكل شيء علمًا، ويحفظ خلقه من الزوال والفساد، ويحفظ المؤمنين من المهالك، ويحفظ الأعمال حتى تُجزى بها، ويحفظ الودائع والعهود والأرزاق والآجال.

قال الإمام البيهقي في الأسماء والصفات (ص 103): “الحفيظ هو الذي يحفظ الأشياء من أن تهلك، ويحفظها في مقاديرها، ويحفظ أعمال العباد للجزاء، ويحفظ أولياءه في الفتن”.

أسرار اسم الله الحفيظ وفوائده... أسماء الله الحسنى
اسم الله الحفيظ

معنى اسم الله الحفيظ في حقه سبحانه وتعالى

الحفيظ في حق الله تعالى هو الذي لا يغيب عنه شيء، ولا ينسى، ولا يعجزه حفظ شيء، يحفظ الخلق كلهم بعلمه وقدرته، ويحفظ السماوات والأرض من الزوال، ويحفظ عباده المؤمنين من الفتن والشرور، ويحفظ الأعمال حتى يُجازي عليها، ويحفظ الأجساد في القبور، والقلوب من الانحراف، والنيات من الفساد.

قال الإمام السعدي رحمه الله: “الحفيظ الذي حفظ ما خلق، وأحاط بكل شيء علمًا، وقدرةً، فلا يغيب عنه شيء، ويحفظ عباده من المهالك، ويحفظ عليهم أعمالهم وأقوالهم ويحصيها لهم”.

فحفظ الله تعالى حفظ تام شامل دائم، لا يعتريه نسيان، ولا ضعف، ولا سهو، فهو سبحانه يحفظ الموجودات، ويحفظ المقادير، ويحفظ مصالح عباده، ويحفظ القلوب من الزيغ، ويحفظ الدين من التحريف.

فكل حفظ في الوجود مردَّه إلى حفظ الله، وكل أمانٍ حقيقته أنه من الحفيظ، وكل غفلة عن هذا الاسم تقود إلى قلق وخوف وسوء ظن بالله، فمن عرف الحفيظ حقًا، حفظ قلبه من التعلق بغيره.

كم مرة ورد فيها اسم الله الحفيظ في القرآن الكريم؟

اسم الله الحفيظ ورد في ثلاث مواضع صريحة في القرآن الكريم، وهي كالتالي:

  • {إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} (سورة هود – الآية 57)، وجاءت على لسان نبي الله هود عليه السلام، يبيِّن فيها أن الله هو الحافظ لكل شيء، فلا يخفى عليه أمر، ولا يخرج شيء عن علمه وسلطانه.
  • {وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ} (سورة سبأ – الآية 21)، وجاء هذا في سياق الحديث عن استدراج الشياطين لبعض الناس، ليؤكد أن الله يحفظ خلقه من أن يغلبه عليهم أحد.
  • {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} (سورة الشورى – الآية 6)، وفيها تشير الآية إلى أن الله يحفظ أعمال العباد جميعًا ليجازيهم بها، حتى الكفار والمشركين.

أنواع الحفظ الإلهي في اسم الله الحفيظ

الحفظ العام للمخلوقات

قال الله تعالى: {اللَّهُ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ۚ وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (سورة فاطر- الآية41)

فالله يحفظ الكون كلَّه من الفوضى والدمار، ويُدير نظام الخلق بدقة لا يعتريها خلل، ويشمل هذا الحفظ يشمل الأجرام، والكواكب، وحركة الليل والنهار، والسنن الكونية.

حفظ خاص لعباده المؤمنين

قال الله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (سورة الرعد – الآية 11)، وفسرها ابن كثير: “يحفظونه بأمر الله، أي: الملائكة تحفظ العبد من السوء والمهالك”.

وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي ﷺ قال: “يقول الله تعالى: “من عادى لي وليًا فقد بارزني بالمحاربةِ ، وما تقرب إليَّ عبدي بمثلِ أداءِ ما افترضته عليه ، ولا يزالُ عبدي يتقربُ إليَّ بالنوافلِ حتى أحبَّه ، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به وبصرَه الذي يُبصِرُ به ويدَه التي يَبطشُ بها ورجلَه التي يمشي بها ، فبي يسمعُ وبي يُبصرُ وبي يَبطشُ وبي يمشي ، ولئن سألني لأُعطينه ولئن استعاذني لأُعيذنه ، وما ترددت في شيءٍ أنا فاعلُه ترددي في قبضِ نفسِ عبدي المؤمنِ يكرهُ الموتَ وأكرهُ مساءتَه ولابدَّ له منه”، أي أن من أحبهم الله تكفل بحفظهم ورعايتهم.

الحفظ من الذنوب والفتن

من أعظم صور الحفظ الرباني أن يحفظك الله من المعاصي، ومن طريق السوء، ومن أصدقاء الغفلة، ومن الفتن إذا هبَّت رياحها.

قال يوسف عليه السلام لما راودته امرأة العزيز: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ} (سورة يوسف – الآية  33)، فاستجاب له الله وحفظه.

الحفظ في الدين والنفس والولد

قال النبي ﷺ لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ” (رواه الترمذي)، فمن حفظ حدود الله، حفظه الله في نفسه، وفي أهله، وفي ذريته، وفي دينه عند الشدائد.

الفرق بين اسم الله الحافظ واسم الله الحفيظ

اسم الله الحافظ واسم الله الحفيظ يتقاربان في المعنى، لكن بينهما فرق دقيق يدل على عمق صفات الله وكمالها.
فـالحافظ هو الذي يحمي خلقه من الأذى، ويدفع عنهم الشرور، ويحفظ القرآن من التحريف، ويحفظ العباد من الفتن والضياع، وهو الحافظ للأبدان والأرزاق والديار.
أما الحفيظ، فهو أبلغ وأعم، كما أنه صيغة مبالغة تدل على كمال الحفظ وشموله وديمومته؛ فهو سبحانه لا يغيب عنه شيء، يحفظ كل شيء بعلمه وقدرته، الظاهر والباطن، السر والعلانية، النيات والأعمال، الأجساد والأرواح، الماضي والحاضر والمستقبل.
فكل حافظٍ سواه ينسى أو يغفل أو يعجز، أما الحفيظ فلا يخفى عليه شيء، ولا يعجزه حفظ شيء.

وقد قيل: “كل حفيظ حافظ، وليس كل حافظ حفيظًا”، فإذا أردتَ حفظًا لا يضيع، وأمانًا لا يزول، فتعلق باسم الله الحفيظ، واسأله أن يحفظك بما يليق بجلاله وكماله.

كيف نعيش مع اسم الله الحفيظ؟

  • يقينك أن الله لا يغفل عنك، فإذا غابت عنك الحراسة البشرية، أو ضعفت أدوات الحماية، فلا تيأس، فإن الحفيظ لا ينام، ولا يعجز، ولا يسهو.
  • الدعاء باسم الله الحفيظ، ومن أجمل الأدعية: “اللهم احفظني بحفظك، وكن لي حفيظًا من بين يديَّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي”.

  • الاستعانة بذكر الله للحفظ، والنبي ﷺ قال: “من قال حين يُمسي: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم – ثلاث مرات – لم يضره شيء” (رواه الترمذي)، فمن آثار اسم الله الحفيظ أن من ذكره وأحسن التعلق به، حفظه الله من الشرور.

دلائل الحفظ الرباني من تاريخ الأنبياء

حفظ الله لإبراهيم عليه السلام من النار، حيث جاء في كتابه الكريم: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ} (سورة الأنبياء – الآية 69)، كما حفظ الله موسى عليه السلام وهو في التابوت بعد أن قذفته أمه في اليم، ثم في بيت فرعون، ثم في البحر، وحفظ الله النبي ﷺ عندما إختبأ هو وأبو بكر الصديق في الغار {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (سورة التوبة – الآية 40)، فأيُّ حفظ أعظم من حفظ الله لأنبيائه وأوليائه في مواضع الهلاك؟.

آثار الإيمان باسم الله الحفيظ (فوائد اسم الله الحفيظ في حياة المسلم)

الإيمان باسم الله الحفيظ يورث في قلب العبد يقينًا عظيمًا وطمأنينة لا تضاهى، إذ يعلم أن وراء هذا الكون عينًا لا تنام، وحفظًا لا يغيب، وإحاطة لا تتخلَّف، فمن آثار هذا الإيمان:

  • السكينة القلبية في زمن الخوف، فإذا اضطربت الحياة، وتبدلت الأحوال، وتكاثرت المخاوف، تذكَّر العبد أن الله الحفيظ لا يغفل عنه، ولا يتركه هملاً، فتسكن نفسه، ويثبت قلبه، ويتوكل حق التوكل.

  • الطمأنينة على الأهل والولد، فحين يخرج ولدك إلى الطريق، أو تسافر زوجتك، أو يمرض والداك، لا يملك قلبك راحة إلا حين تردِّد: “اللهم يا حفيظ احفظهم بحفظك الذي لا يرام، ولا يُضام، ولا يُهزم”.

  • الحياء من الله في السرِّ والعلن؛ لأن من آمن بأن الله الحفيظ لا يغفل عن عمل، ولا عن نظرة، ولا عن كلمة، استحيا أن يعصيه، ولو كان في ظلمة الليل، وفي أبعد مكان.
  • الرضا بقضاء الله وقدره، فمن علم أن الله الحفيظ لا يُدخل عليه شيء من الضر أو الشر إلا لحكمة، رضي وسلَّم، واطمأن إلى أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
  • دوام الاستعانة والدعاء باسم الحفيظ؛ لأن القلب المؤمن يوقن أنه لا نجاة من الفتن، ولا سلامة من الحوادث، ولا وقاية من كيد الخلق والشيطان، إلا بأن يستعيذ بالحفيظ، فيقول: “اللهم احفظني من بين يديَّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي”.
  • اليقين بأن حفظ الدين أعظم من حفظ الجسد، فيرى العبد أن من أعظم الحفظ أن يحفظ الله عليه إيمانه وعبادته، فلا يزيغ قلبه، ولا تتلوَّث عقيدته، ولا يُفتن عن الحق، فيدعوه أن يكون من المحفوظين في الدين كما هم محفوظون في الأبدان.
  • التخلص من الوساوس والقلق المبالغ فيه، فالإيمان بأن الله هو الحفيظ الحقيقي يحرر القلب من الخوف المرضي على النفس والمال والولد، ويُعيده إلى التوازن، ويُعلِّمه التوكل والثقة.

في الختام، اسم الله الحفيظ عقيدة تُعاش، ويقين يُثمر، وراحة تُستشعر، فمن كان الله حافظه، فمن ذا الذي يضره؟ ومن كان في كنف الله، أيخاف من عدو أو فتنة أو مرض أو جنٍّ أو إنس؟

اجعل هذا الاسم نبراسًا في حياتك، وردده في دعائك، وعلمه لأهلك وأبنائك، وتيقن أن الله الحفيظ لا يتركك، ما دمت تحفظه في قلبك وسلوكك “احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة”.

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock