أسباب كثرة الكوابيس وعلاجها في ضوء القرآن والسنة
تعرف على أسباب كثرة الكوابيس وعلاجها في ضوء القرآن والسنة

أسباب كثرة الكوابيس وعلاجها في ضوء القرآن والسنة، تُعد الأحلام جزءًا من عالم الغيب الذي أخبر الله عز وجل عنه، وجعل له حضورًا في حياة الإنسان، فمنها ما يكون بشارة ورحمة، ومنها ما يكون حديث نفس، ومنها ما يكون تخويفًا من الشيطان، ولا تزال الكوابيس من أكثر ما يزعج الناس ويقلق قلوبهم خاصة إذا تكررت أو حملت معاني الخوف والتهديد والضيق، وهنا تبدأ التساؤلات: ما أسباب كثرة الكوابيس؟، وما علاقتها بالتحصين؟، وهل للشيطان دور فيها؟، وهل يمكن أن تكون علامة على سحر أو حسد أو مس؟.
سنُقدم في هذا المقال أسباب كثرة الكوابيس وعلاجها، وسنقدم إجابة لكل سؤال متعلق بها وذلك وفق نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية.
ماهية الكوابيس في المنظور الإسلامي
قسَّم النبي ﷺ الأحلام إلى ثلاثة أنواع، كما جاء في الحديث الصحيح: «الرؤيا ثلاثٌ فبُشرَى مِن اللهِ وحديثُ النَّفسِ وتخويفُ من الشَّيطانِ» (رواه مسلم)، وهذا التقسيم يضع الكوابيس غالبًا ضمن قسمين لا ثالث لهما:
1- أحلام شيطانية (حُلم من الشيطان)
وهي التي يكون غرضها التخويف والحزن، لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ (سورة المجادلة، الآية 10)، وقال ﷺ: «الرؤيا الصالحةُ من اللهِ ، والحلمُ من الشيطانِ» (متفق عليه).
2- حديث النفس
وهو ناتج عن انشغال الإنسان بأمور الحياة، أو خوف، أو قلق، أو ضغوط نفسية.
إذن فالإسلام يعترف بأن الكوابيس قد تكون نفسية، وقد تكون شيطانية بحتة، ومن هنا تبدأ رحلة التعرف على أسبابها.
أسباب كثرة الكوابيس وعلاجها
ضعف التحصين بالقرآن والأذكار
من أهم الأسباب لكثرة الكوابيس على الإطلاق هو ضعف التحصين بالقرآن والأذكار، فالمحافظة على أذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم تُعد أعظم وقاية من الشيطان، وقد دلَّت الأحاديث على ذلك خاصة حديث آية الكرسي: «أَنَّ مَن قَرَأَهَا [يعني : آيةَ الكرسيِّ] عِندَ النومِ لَا يَزَالُ عَلَيهِ مِنَ اللهِ حَافِظٌ , وَلَا يَقرَبُه شَيطَانٌ حَتَّى يُصبِحَ» (رواه البخاري)، فمن نام بلا تحصين، أو اكتفى بذكرٍ عابر، فهو أقرب لوساوس الشيطان وتسلُّطه في المنام.
كثرة الذنوب والمعاصي
قال الله تعالى: ﴿وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾ (سورة الزخرف، الآية 36)، فالمعاصي باب واسع لسيطرة الشياطين، وكلما كثرت الذنوب ضعُف القلب، وكثرت الهموم، وزادت الوساوس، واشتد حضور الشيطان في المنام، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أن المعاصي “تُظلم القلب”، والظلمة موطن الشيطان.
النوم على جنابة أو بدون وضوء
الوضوء قبل النوم ليس واجبًا، لكنه سنة مؤكدة، وفيه حماية روحية عظيمة، لأن النائم على طهارة يكون محروسًا بالملائكة.
مشاهدة المناظر المخيفة والمحتوى المزعج
حديث النفس يؤثر بقوة في المنام، وما يشاهده الإنسان قبل نومه يترسخ في عقله الباطن، فيتحول إلى صور مفزعة، وقد قال العلماء: “النفس إذا تشبعت بمشهد تأثر النوم به مباشرة”، ولهذا نهى العلماء عن الاسترسال في أفلام الرعب، والمقاطع العنيفة، والأخبار المظلمة قبل النوم، لأنها تتحول إلى كوابيس بسهولة.
القلق النفسي والضغوط اليومية
القلق باب واسع للكوابيس، ويدخل ضمن حديث النفس الذي ذكره النبي ﷺ، والإنسان المرهق نفسيًا يرى في الغالب في منامه السقوط، والمطاردة، والضياع، والأماكن المظلمة، واختناقًا أو شللًا أثناء النوم (الجاثوم)، وكلها أعراض ذكرها العلماء كنوع من انعكاس الحالة النفسية.
وجود الجن أو المس أو السحر أو العين
هذا سبب شرعي ثابت، لكنه ليس الأكثر انتشارًا كما يظن البعض، فكثرة الكوابيس الشديدة المتكررة يوميًا خاصة مع رؤية أفاعي، أو كلاب سوداء، أو ظلال، أو أماكن مهجورة، أو أشياء تخنق الإنسان، أو وجوه مرعبة، أو سقوط في هوة، قد تكون علامة على سحر، أو حسد، أو مس شيطاني، لأن الشيطان يتسلط على الإنسان الضعيف تحصينًا أو المبتلى روحيًا.
النوم في مكان غير مناسب
بعض الأماكن الغير مناسبة قد تكون سببًا في كثرة الكوابيس مثل غرفة فيها تماثيل أو صور، أو وجود موسيقى، أو وجود كلاب، أو وجود أجراس، أو مكان مهجور أو غير نظيف، فكل هذه ورد فيها نصوص وصريحة بأن الشياطين تحبها أو تتقوَّى بها.
المبالغة في الطعام قبل النوم
جاء في كتب الفقهاء والطب النبوي أن التخمة تورث الأحلام الرديئة، فالأكل الكثير يسبب نشاط ذهني زائد أثناء النوم، فبالتالي تكثر الكوابيس.
كيف تميِّز بين الكابوس الشيطاني والكابوس النفسي؟
الكابوس الشيطاني
علاماته:
-
الخوف الشديد.
-
رؤية مخلوقات مخيفة.
-
شخص يطاردك.
-
صعوبة الحركة (الجاثوم).
-
سماع صراخ أو همهمة.
-
الاستيقاظ فزعًا.
-
البكاء بعد الحلم.
-
تكرار الكابوس نفسه.
الكابوس النفسي
علاماته:
-
صور غير مترابطة.
-
أحلام مرتبطة بحدث يومي.
-
مبالغات أو مشاهد غير منطقية.
-
ليست مخيفة جدًا.
-
تتزامن مع فترات التوتر.
علاج كثرة الكوابيس من القرآن والسنة
المحافظة اليومية على الأذكار
أهمها:
-
آية الكرسي.
-
سورة الإخلاص.
-
المعوذتان.
-
الدعاء: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق».
والأذكار تُقرأ بتدبر وخشوع وليس بسرعة.
أذكار النوم
وهي الأهم في علاج الكوابيس، وتشمل:
-
قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثًا.
-
قراءة آخر آيتين من سورة البقرة.
-
الدعاء النبوي: «اللهم قِني عذابك يوم تبعث عبادك» ثلاثًا.
-
مسح الجسد بعد النفث كما كان يفعل النبي ﷺ.
النوم على وضوء
قال ﷺ: «طَهِّروا هذِهِ الأجسادَ طَهَّرَكُمُ اللَّهُ فإنَّهُ ليسَ من عبدٌ يبيتُ طاهرًا إلَّا باتَ معَهُ في شعارِهِ ملَكٌ»، وقد تضافرت أقوال العلماء على أن الوضوء قبل النوم يسد باب الشيطان ويمنع تحرشه بالإنسان.
قراءة سورة البقرة في البيت
سورة البقرة سيدة البيوت الروحية، فالنبي ﷺ قال عنها: «إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة» (رواه مسلم)، فمن يعاني الكوابيس المتكررة ينبغي أن تُقرأ البقرة في بيته يوميًا أو كل ثلاثة أيام على الأقل.
تشغيل الرقية الشرعية أثناء النوم أو قبله
خاصة:
-
الرقية العامة.
-
رقية السحر.
-
رقية المس.
-
رقية الحسد.
وذلك لأنها تهدِّئ الروح وتطرد الشياطين.
تنظيم النوم والطعام
-
النوم مبكرًا.
-
تقليل الأكل ليلًا.
-
تهوية غرفة النوم.
-
إطفاء الأنوار.
-
ترك الموسيقى نهائيًا.
وهذه النصائح ذكرها العلماء تحت بند “تهيئة النفس للنوم الصالح”.
الابتعاد التام عن الذنوب
لأن الذنوب تفتح أبواب الظلام على القلب، قال ابن الجوزي: “المعصية تُدخل الوحشة على القلب، والوحشة موضع الشيطان”.
إذا رأيت كابوسًا – ماذا تفعل؟
تفعل كما علَّمنا النبي ﷺ:
-
أن تتعوَّذ بالله من شره.
-
تنفث عن يسارك ثلاثًا.
-
لا تخبر به أحدًا.
-
تُغيِّر وضع نومك.
-
تُصلِّي ركعتين إن استطعت.
-
تقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»
وقد قال ﷺ: «إذا رَأَى أحَدُكُمُ الرُّؤْيا يُحِبُّها، فإنَّها مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها ولْيُحَدِّثْ بها، وإذا رَأَى غيرَ ذلكَ ممَّا يَكْرَهُ، فإنَّما هي مِنَ الشَّيْطانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِن شَرِّها، ولا يَذْكُرْها لأحَدٍ، فإنَّها لَنْ تَضُرَّهُ» (رواه مسلم).
متى تكون الكوابيس علامة على سحر أو عين أو مس؟
تكون كذلك إذا اجتمعت العلامات التالية:
-
كوابيس يومية متكررة.
-
ضيق شديد عند الاستيقاظ.
-
جاثوم مستمر.
-
رؤية ظلال أو أشخاص.
-
خنق أثناء النوم.
-
رؤية حيوانات سوداء باستمرار.
-
ألم في الجسد عند الاستيقاظ.
هذه الثلاث حالات تتطلب:
-
رقية شرعية منتظمة.
-
قراءة البقرة يوميًا.
-
الاستماع للرقية.
-
ماء مقروء عليه.
-
والاستمرار 7–30 يومًا.
في الختام، أسباب كثرة الكوابيس وعلاجها ليست غامضة، بل لها أصول شرعية، وعلاج نبوي ثابت، وبرنامج تطبيقي يغيِِّر حياة الإنسان ويعيد إليه نومه وراحته وسكينته، فمن حصَّن نفسه بالذكر، وابتعد عن الذنوب، ونظَّم نومه، وملأ بيته بذكر الله، وجد الطمأنينة، واختفت الكوابيس شيئًا فشيئًا حتى تزول تمامًا بإذن الله.
المصدر