إعرف دينكمعلومات عامة

أذكار بعد الصلاة عبادة تُتم نور الصلاة وتُصلح القلب

إليك أذكار بعد الصلاة

أذكار بعد الصلاة عبادة تُتم نور الصلاة وتُصلح القلب

أذكار بعد الصلاة لحظة قد يمر عليها كثير من الناس سريعًا، بينما هي في الحقيقة من أثمن اللحظات التي تُفتح فيها أبواب السماء، وتتنزَّل فيها الطمأنينة، وتُكتب فيها الأجور بأضعاف ما يتخيله القلب، فالعبد إذا فرغ من صلاته يكون بين يدي ربَّه في مقام الختام، ومقام الختام لا يقل قدرًا عن مقام البدء؛ فكما يبدأ المسلم صلاته بالتكبير والخشوع يختمها بذكر يرفع بها درجاته، ويطهِّر بها قلبه، ويزيد بها قربه من الله.

إن أذكار بعد الصلاة عبادة مستقلة، وامتداد روحي لصفاء الصلاة ونورها؛ بها يكتمل فضل الركعات التي وقف فيها العبد بين يدي ربَّه، وبها تظل آثار الصلاة ممتدة في القلب حتى يحين وقت الصلاة التالية، كما أنها سُنَّة نبوية مؤكدة لم يغفل عنها النبي ﷺ في حضرٍ ولا سفر، ولا تركها إلا ليعلِّم الأمة أن تظل قلوبها معلَّقة بالله بعد كل سجدة وركعة.

سنتعرف في هذا المقال على أذكار بعد الصلاة وفضلها، والأدلة الصحيحة التي وردت بها، والحِكَم الإيمانية التي تحملها، وكيف تجعلها عادةً ثابتة تغيِّر حياتك من الداخل قبل الخارج.

أذكار بعد الصلاة كما ورد في السنة

1- الاستغفار ثلاث مرات

عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا، وقال: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» (رواه مسلم).

لماذا الاستغفار قبل أي ذكر؟

لأن العبد مهما اجتهد في الصلاة يبقى فيها نقص وغفلة، فجاء الاستغفار جابرًا للنقص، كما أنه اعتراف منه بأنه ضعيف، وأنه محتاج في كل ركعة إلى رحمة الله، ويقول العلماء: الاستغفار بعد العبادة يساوي التكبير قبلها؛ فهو بداية العمل ونهايته.

2- قول “اللهم أنت السلام…”

كما جاء في الحديث السابق من صحيح مسلم.

معنى «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ»

  • أنت السلام: أي أنت مصدر السلام والأمان.

  • ومنك السلام: أي لا يأتي خيرٌ ولا طمأنينة إلا منك.

  • تباركت يا ذا الجلال والإكرام: أي كثُر خيرُك، ودام فضلك، وتعاظمت نعمك.

ويعد هذا الذكر إعلان من العبد بأن قلبه خرج من الصلاة مملوءًا بالسلام الرباني.

3- التسبيح والتحميد والتكبير

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء فقراء المهاجرين إلى النبي ﷺ فقالوا: ذهب أهل الدثور بالدرجات والنعيم المقيم… وقالوا: يسبحون ويحمدون ويكبرون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين (رواه مسلم).

وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال لفاطمة: “ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ تكبِّران أربعًا وثلاثين، وتسبِّحان ثلاثًا وثلاثين، وتحمدان ثلاثًا وثلاثين” (رواه البخاري ومسلم).

اختلاف الصيغ حكمة لا اضطراب، وقال العلماء هذا التنويع مشروع، ليذوق القلب أكثر من هيئة للذكر، والأفضل للمسلم أن ينوع بين الصيغتين من حين لآخر، ليجتمع له الاتباع والروح.

لماذا 33 و34؟، لأن هذا العدد سهل الحفظ، ومضبوط عند اللسان، ويجعل الذكر منضبطًا لا يتشتت.

4- الدعاء بعد الصلاة

ثبت أن النبي ﷺ قال لمعاذ بن جبل: «يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ» (رواه أبو داود بإسناد صحيح، وصححه الألباني).

وسر هذا الدعاء العظيم أنه ليس دعاءً عابرًا؛  إنما هو طلبٌ من العبد أن يُمكِّنه الله من استمرار العبادة بعد الصلاة، كأنه يقول: يا رب، لا تتركني لنفسي… فأنا أضعف من أن أستقيم وحدي.

5- قراءة آية الكرسي

ورد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ ، إلَّا الموتُ» (رواه النسائي، وصححه ابن حبان والألباني).

لماذا آية الكرسي بعد الصلاة؟

لأنها أعظم آية في القرآن وسيدة أي القرآن، وفيها خمسة مقامات:

  1. توحيد الله.

  2. علم الله.

  3. ملك الله.

  4. قدرة الله.

  5. قيومية الله.

فهي مثل جدار حماية روحي يبقى مع العبد بعد الصلاة.

6- قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين

عن عقبة بن عامر قال: أمرني رسول الله ﷺ أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

لماذا الإخلاص والفلق والناس؟

  • الإخلاص: توحيد خالص.

  • الفلق والناس: حماية من الشرور والوسواس.

إن الصلاة تعطي العبد نورًا، وهذه السور تحفظه من الانطفاء.

مجموع أذكار بعد الصلاة كما وردت صحيحة

هذه هي الصيغة الكاملة الصحيحة لأذكار بعد الصلاة:

  1. أستغفر الله (3 مرات).

  2. اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

  3. التسبيح:

    • إما: 33 تسبيحة + 33 تحميدة + 33 تكبيرة + التمام بـ لا إله إلا الله…

    • أو: 33 تسبيحة + 33 تحميدة + 34 تكبيرة.

  4. آية الكرسي (بحديث حسن).

  5. الإخلاص والمعوذتان.

  6. الدعاء:

    • “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”.

    • وما شئت من الدعاء المشروع.

فضل أذكار بعد الصلاة

  • الذكر بعد الصلاة يبني حصنًا على القلب، فالصلاة نور والذكر سياجٌ له، ومن تخلى عن الذكر ضاع أثر صلاته، ومن حافظ عليه وجد أثرًا يبقى لساعات.

  • الذكر يجعل قلبك غير قابل للكسر بسهولة، لأن النفس إذا تعودت أن تتصل بالله بعد كل صلاة، صار حزنها أخف، وقلقها أهدأ، وخوفها أضعف.

  • الذكر جواز سفر إلى الرزق، فالله تعالى قال: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ، والذكر بعد الصلاة شكر عملي، والشكر مفتاح الزيادة والبركة في الرزق.

  • الذكر سبب لمغفرة يومية، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ» (رواه مسلم).

أخطاء يقع فيها كثير من الناس

  •  الذكر بسرعة شديدة بلا حضور، حتى أنك لا تشعر أنك قلت شيئًا، فالذكر بلا قلب مثل جسد بلا روح.
  • ترك الذكر بسبب الانشغال، وليس في الدنيا انشغال أقوى من أن يقطع عنك وصلك بالله.
  • الجهر الشديد، والسنة الجهر اليسير الذي يسمع نفسك فقط أو الذكر سرًا.
  • الاقتصار على صيغة واحدة دائمًا، والأفضل التنويع بين ما صح في السنة.

كيفية تطبيق أذكار بعد الصلاة يوميًا

بعد الفجر والمغرب

احرص على الإخلاص والمعوذتين؛ لأن النبي ﷺ كان يحافظ عليهما في هذين الوقتين خاصة.

بعد الظهر والعصر والعشاء

الذكر نفسه، مع الدعاء بما شئت.

قبل مغادرة المصلى

اجلس دقيقة واحدة فقط، ستجد فرقًا كبيرًا في صفاء يومك.

فوائد عملية تشعر بها بعد أيام قليلة من المواظبة على أذكار بعد الصلاة

  • راحة نفسية قوية بعد كل صلاة.

  • تحسن في الحالة المزاجية.

  • انخفاض الغضب والانفعال.

  • زيادة الرزق والبركة في الوقت.

  • حماية من الحسد والشيطان.

  • خشوع أعلى في الصلاة التالية.

  • إقبال أكبر على الطاعة.

في الختام، تبقى أذكار بعد الصلاة كنزًا ربانيًا يغفل عنه كثير من الناس، وهو في الحقيقة باب من أعظم أبواب القرب إلى الله، وسبب لثبات الإيمان، وراحة القلب، وطهارة الروح، فمن حافظ عليها بعد كل صلاة، وجد في أيامه بركة لا تُقاس، وطمأنينة لا تُوصف، وانشراحًا في الصدر لا يعرف مصدره إلا من جرَّب ولزم هذا الذكر العظيم.

لقد علَّمنا النبي ﷺ أن ختام الصلاة ليس نهاية العبادة، بل هو لحظة اكتمالها؛ لحظة يُمتَحن فيها صدق العبد، أيتوجه إلى دنياه مسرعًا، أم يقف قليلًا ليستودع يومه عند رب العالمين؟، فهذه الأذكار تجديدٌ للصلة بالله، واستحضارٌ لقربه، وتأكيدٌ لافتقار العبد إليه في كل خطوة يخطوها بعد الصلاة.

فاجعل يا أخي الحبيب ويا أختي الكريمة أذكار بعد الصلاة عهدًا يوميًا لا تُفرِّط فيه، وألزم قلبك ولسانك بها، وسترى كيف يفتح الله لك أبوابًا من العافية والرضا والرزق لم تكن في حساباتك، وما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره انقطع وانفصل… فاستمسك بهذا الذكر المبارك، لعل الله يجعل به حياتك نورًا، وقلبك طمأنينة، وأيامك بركة، وخاتمتك حسنًا.

المصدر

1، 2، 3، 4

زر الذهاب إلى الأعلى
Index