عبادات

ليلة الإسراء والمعراج: معجزات وأدعية مستجابة في ٢٧ – 27 رجب – رحلة الأرض إلى السماء

ليلة الإسراء والمعراج: معجزات وأدعية مستجابة في ٢٧ – 27 رجب – رحلة الأرض إلى السماء

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. في تاريخنا الإسلامي العظيم، توجد ليالٍ ليست كباقي الليالي، وأيام تفيض بالأنوار الربانية والنفحات القدسية. ولعل من أعظم هذه المحطات الفاصلة في سيرة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، هي ليلة الإسراء والمعراج. تلك الليلة التي خرقت نواميس الكون، وجمعت بين الأرض والسماء، وبين الماضي والحاضر والمستقبل في لحظات مباركة.

إن الحديث عن هذه المعجزة الخالدة يتجدد كل عام مع اقتراب شهر رمضان المبارك، حيث يستعد المسلمون لاستقبال النفحات، وتحديداً في شهر رجب الأصب. في هذا المقال المطول والشامل، سنغوص في أعماق هذه الرحلة المقدسة، نستلهم منها العبر، ونقف على أسرارها، ونقدم لكم باقة من الأدعية المستجابة لإحياء ذكرى ٢٧ رجب، مستندين إلى أمهات الكتب وأقوال العلماء الراسخين.

مقدمة: السياق التاريخي لرحلة الإسراء والمعراج

لم تأتِ رحلة الإسراء والمعراج من فراغ، بل جاءت في وقت كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم في أشد الحاجة إلى المواساة والدعم الإلهي. لقد سُمي العام الذي سبقه بـ “عام الحزن”، حيث فقد النبي عمه أبا طالب الذي كان يحميه من قريش، وزوجته السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، التي كانت سكنه ومأواه. زاد الأذى على النبي، وصدّه أهل الطائف، فجاءت هذه الرحلة لتكون تكريماً سماوياً، ومسحاً لجراح الماضي، وتثبيتاً لفؤاده الشريف.

للمزيد من التفاصيل حول القصص الدينية وسير الأنبياء، يمكنكم زيارة قسم قصص الأنبياء في موقعنا إقرأ يا مسلم.

أولاً: الإسراء.. من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى

تعريف الإسراء لغة واصطلاحاً

الإسراء في اللغة هو السير ليلاً، وفي الشرع هو الرحلة الأرضية الإعجازية التي أكرم الله بها نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى بيت المقدس. يقول الله تعالى في مطلع سورة الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

البراق والوصول إلى القدس

بدأت الرحلة عندما جاء جبريل عليه السلام بالبراق، وهي دابة دنيوية سريعة جداً تضع حافرها عند منتهى بصرها. ركب النبي صلى الله عليه وسلم البراق بصحبة جبريل، قاطعاً المسافات الشاسعة في لحظات، في دلالة واضحة على طي الزمان والمكان بقدرة الله عز وجل. للاطلاع على المزيد حول هذه الحادثة، يمكنكم قراءة مقال ما هي ليلة الإسراء والمعراج في موقع موضوع.

إمامة الأنبياء: دلالات ورموز

عند وصوله إلى المسجد الأقصى، وجد النبي صلى الله عليه وسلم أرواح الأنبياء جميعاً في انتظاره. تقدم جبريل عليه السلام وأشار للنبي بأن يؤمهم. هذه الصلاة الجماعية في تلك البقعة المباركة تحمل دلالات عميقة:

  • وحدة الرسالة: فالدين عند الله الإسلام، والأنبياء كلهم إخوة ودينهم واحد.
  • انتقال القيادة: تسليم لواء النبوة والهداية العالمية إلى خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم.
  • قدسية المكان: التأكيد على مكانة المسجد الأقصى كقبلة أولى وثالث الحرمين الشريفين.

ثانياً: المعراج.. رحلة اختراق السماوات العلا

بعد انتهاء الصلاة في الأقصى، بدأت المرحلة الثانية والأعظم من الرحلة، وهي المعراج، أي الصعود في سلم سماوي إلى السماوات العلا. وفي كل سماء، كان هناك لقاء خاص وترحيب نبوي، مما يرسخ مفهوم الأخوة بين الأنبياء.

محطات في السماوات السبع

  1. السماء الأولى: لقاء آدم عليه السلام، أبو البشر، الذي رحب بالنبي قائلاً: “مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح”.
  2. السماء الثانية: لقاء ابني الخالة، يحيى وعيسى عليهما السلام.
  3. السماء الثالثة: لقاء يوسف عليه السلام، الذي أوتي شطر الجمال.
  4. السماء الرابعة: لقاء إدريس عليه السلام، الذي رفعه الله مكاناً علياً.
  5. السماء الخامسة: لقاء هارون عليه السلام، المحبب في قومه.
  6. السماء السادسة: لقاء موسى عليه السلام، كليم الله، وبكائه شفقة على أمة محمد لأنهم يدخلون الجنة بأعداد أقل مما كان يطمح لأمته، ولكن رحمة الله واسعة.
  7. السماء السابعة: لقاء إبراهيم عليه السلام، خليل الله، مسنداً ظهره إلى البيت المعمور.

هذه اللقاءات ليست مجرد سرد تاريخي، بل هي دروس تربوية عظيمة يمكنكم التعمق فيها عبر مقال الإسراء والمعراج رؤية تربوية على موقع إسلام ويب.

سدرة المنتهى وفرض الصلاة

تجاوز النبي صلى الله عليه وسلم السماوات السبع حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة يغشاها من نور الله ما لا يستطيع أحد وصفه. هناك، حيث سمع صريف الأقلام، فُرضت الصلاة. كانت في البداية خمسين صلاة، وبمراجعة النبي لربه وتخفيفه على أمته بنصيحة موسى عليه السلام، استقرت على خمس صلوات في العمل وخمسين في الأجر.

الصلاة هي المعراج اليومي للمؤمن، وهي الصلة التي لا تنقطع. لمعرفة المزيد عن أحكام العبادات، زوروا قسم إعرف دينك – عبادات وأسئلة.

المعجزات والمشاهد الغيبية التي رآها النبي

خلال هذه الرحلة، أطلع الله نبيه على مشاهد من الجنة والنار، ورأى نماذج من الثواب والعقاب:

  • رأى قوماً يزرعون ويحصدون في يوم واحد، فسأل جبريل عنهم، فقال: هؤلاء المجاهدون في سبيل الله.
  • رأى قوماً ترضخ رؤوسهم بالصخر، كلما رضخت عادت كما كانت، وهم المتثاقلون عن الصلاة المكتوبة.
  • رأى خطباء الفتنة وقوم يغتابون الناس، ولهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم.

تلك المشاهد تؤكد على العدالة الإلهية وأن الآخرة هي دار القرار. اقرأ المزيد عن هذا الموضوع الشائق في مقال الإسراء والمعراج رحلة الأرض إلى السماء عبر الجزيرة نت.

هل حدثت ليلة الإسراء والمعراج في ٢٧ رجب؟

اختلف المؤرخون في تحديد التاريخ الدقيق لليلة الإسراء والمعراج. فمنهم من قال إنها في ربيع الأول، ومنهم من قال في رجب، ومنهم من قال في رمضان. ولكن المشهور عند جمهور الناس، والذي جرى عليه العمل في كثير من الأقطار الإسلامية للاحتفال وإحياء الذكرى، هو ليلة السابع والعشرين من شهر رجب.

بغض النظر عن الخلاف التاريخي، فإن إحياء هذه الذكرى بالدروس والعبر، والتقرب إلى الله، وتذكر سيرة النبي، هو أمر محمود يجدد الإيمان في القلوب. وقد فصلت دار الإفتاء المصرية في هذا الأمر، ويمكن مراجعة فتواهم عبر الرابط: الإسراء والمعراج دروس وعبر – دار الإفتاء المصرية.

أعمال مستحبة في ليلة ٢٧ رجب

يغتنم المسلمون هذه الليلة، التي تذكرهم بقدرة الله، في التقرب إليه بشتى أنواع الطاعات. ومن الأعمال المستحبة التي يمكن للمسلم القيام بها (بنية التطوع العام والتقرب إلى الله):

  • قيام الليل: فالصلاة هي الهدية الكبرى من رحلة المعراج، وأفضل وقت لمناجاة الله هو جوف الليل.
  • الصيام: صيام يوم ٢٧ رجب بنية أنه من الأشهر الحرم، أو صيام تطوع، هو أمر جائز ومرغب فيه عند كثير من العلماء.
  • الذكر وقراءة القرآن: الإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي. يمكنكم الاستعانة بقسم الأذكار وقسم الرقى الشرعية لتحصين النفس والبيت.
  • إطعام الطعام والصدقة: تقرباً لله وشكراً على نعمة الإسلام.

أدعية مستجابة لليلة الإسراء والمعراج (٢٧ رجب)

الدعاء هو مخ العبادة، وفي هذه الأوقات المباركة، تُفتح أبواب السماء. إليكم مجموعة من الأدعية المختارة التي يمكنكم الدعاء بها في هذه الليلة، سائلين الله الإجابة:

دعاء تفريج الكرب والهم

“اللهم يا مسهل الشديد، ويا ملين الحديد، ويا منجز الوعيد، ويا من هو كل يوم في أمر جديد، أخرجني من حلق الضيق إلى أوسع الطريق، بك أدفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟”

دعاء للوالدين والأبناء

“اللهم اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات. اللهم أصلح لي ذريتي، واجعلهم هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين. اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين.”

دعاء للشفاء والرزق

“اللهم إني أسألك من عظيم لطفك وكرمك وسترك الجميل أن تشفي كل مريض، وأن تمدنا بالصحة والعافية. اللهم صب علينا الرزق صباً صباً، ولا تجعل عيشنا كداً كداً. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك.”

للمزيد من الأدعية المأثورة، خاصة تلك التي تقال في مواسم الطاعات، ننصحكم بقراءة دعاء أول شهر رجب 1447 – 2026، وكذلك لا تغفلوا عن أفضل الأذكار قبل النوم لتختموا ليلتكم في طاعة.

دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج

إن ذكرى الإسراء والمعراج ليست مجرد قصة تُحكى، بل هي مدرسة متكاملة نتعلم منها:

  1. الثقة المطلقة بالله: كما نصر الله نبيه بعد عام الحزن، فإن الفرج آتٍ لكل مكروب.
  2. مكانة الصلاة: هي العبادة الوحيدة التي فُرضت في السماء، مما يدل على عظم شأنها.
  3. الرباط المقدس: ارتباط مكة بالقدس عقيدة راسخة، والدفاع عن المقدسات واجب. اقرأ المزيد عن هذا الرباط في موسوعة ويكيبيديا: الإسراء والمعراج.
  4. التصديق بالغيب: موقف أبي بكر الصديق رضي الله عنه عندما صدق النبي فوراً، يعلمنا أن الإيمان يتجاوز الحسابات المادية المحدودة.

خاتمة: دعوة لتجديد العهد

يا عباد الله، ونحن نستظل بظلال هذه الذكرى العطرة في شهر رجب، لنجعل منها انطلاقة جديدة في حياتنا. لنجدد العهد مع الله بالمحافظة على الصلاة التي هي معراجنا إليه، ولنطهر قلوبنا من الأحقاد، ولنكثر من الدعاء للأمة الإسلامية بالخير والنصر والتمكين.

اللهم كما أسريت بحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرجت به إلى السماوات العلا، ارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا. اللهم بلغنا رمضان ونحن في أحسن حال.

لا تنسوا تصفح باقي أقسام موقعنا الغني بالمعلومات الدينية القيمة، مثل قسم قصص دينية متنوعة وقسم الحج والعمرة للاستزادة من العلم النافع.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
Index