كيف أحصن نفسي وبيتي من الحسد يوميًا - إقرأ يا مسلم
أسئلة

كيف أحصن نفسي وبيتي من الحسد يوميًا

تحصين النفس والبيت من الحسد

كيف أحصن نفسي وبيتي من الحسد يوميًا

كيف أحصن نفسي وبيتي من الحسد يوميًا، بين النعم التي تتقلب فيها أرواحنا صباحًا ومساءً يغفل كثيرٌ من الناس عن عدو خفي يتسلل بصمت، ولا يُرى بالعين، ولا يُسمع بالأذن، لكنه يترك أثرًا موجعًا في الجسد، واضطرابًا في النفس، وخرابًا في البيت، وتكديرًا في الرزق، إنه الحسد.

ليس كل مصيبة سببها مرض عضوي، ولا كل عثرة في الحياة سببها تقصير مادي، بل قد يكون الأمر وراءه عين حاسدة، أو نفس حاقدة، أو قلب امتلأ بالغل والغيرة، وقد أخبر الله تعالى عن ذلك في كتابه الكريم فقال: ﴿وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ (سورة الفلق، الآية 5).

 سنضع اليوم بين يدي كل مسلم ومسلمة درعًا إيمانيًا متينًا، يحصِّن النفس والبيت من هذا الداء الدفين، فتعالَ معي في هذا المقال، لنرسم خارطة الطريق في تحصين النفس والبيت من الحسد يوميًا، لا نظريًا فحسب، بل عمليًا بكل تفاصيل الحياة اليومية.

ما هو الحسد؟ ولماذا هو خطر عظيم؟

الحسد هو تمني زوال النعمة عن الغير سواء تمنى لنفسه مثلها أو لم يتمن، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: “إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب” (رواه أبو داود).

وليس كل حاسد يظهر حقده، بل قد يكون قريبًا، أو صديقًا، أو حتى محبًا يتهاون في قول “ما شاء الله” عند رؤية نعمة، فتخرج عينه فتُؤذي، لذلك أمرنا الله أن نستعيذ من شر الحاسد، لأن ضرره حقيقي، وتأثيره مزلزل.

إن الحسد لا يُؤذي فقط من يُحسد، بل هو داءٌ لصاحبه قبل غيره، لكنه قد يُصيب المُحسَد بضرر بالغ إن لم يتحصن، فكم من نعمة زالت بسبب عين حاسد، وكم من صحة خارت بلا سبب ظاهر، وكم من علاقةٍ فُسخت، وبيتٍ تهدم، ووظيفةٍ ضاعت، وكل ذلك نتيجة نظرة خبيثة خرجت من قلب ممتلئ بالحقد.

وكم من صادق اشتكى للعلماء أو الرقاة: “أشعر أن حياتي توقفت فجأة” أو “ما إن أُثني على شيء إلا ويتعطل”، فكان الجواب: “أكثر من التحصين، فإن الحسد لا يرحم، وصاحبه لا يُرى”.

وقال أعرابي: “ما رأيت ظالمًا أشبه بمظلوم من حاسد؛ نفس دائم، وهم لازم، وقلب هائم”.

الحسد في القرآن والسنة

في مواضع عديدة، بيّن القرآن الكريم خطر الحسد، ومن أبرزها قصة يوسف عليه السلام حين قال يعقوب لابنه: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ (سورة يوسف، الآية 5)، لأن الحسد بدأ أول ما بدأ في صدور إخوته، وكذلك أمر الله النبي ﷺ أن يتعوذ من شر الحاسد ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ، مِن شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّٰثَٰتِ فِى ٱلْعُقَدِ، وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾ (سورة الفلق).

أما في السنة، فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: “الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا” (رواه مسلم).

كيف أحصن نفسي وبيتي من الحسد يوميًا
كيف أحصن نفسي وبيتي من الحسد يوميًا

كيف أحصن نفسي وبيتي من الحسد يوميًا

كيفية تحسين النفس من الحسد يوميًا

التحصين بالأذكار اليومية

أول خطوط الدفاع ضد الحسد هو الذكر، ولا أذكار تضاهي في قوتها أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم، والتي تشمل:

  • المعوذتين (الفلق والناس) 3 مرات.
  • آية الكرسي.
  • خواتيم سورة البقرة.
  • “بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم” (3 مرات)
  • دعاء النبي ﷺ في التحصين: “أعوذ بكلمات الله التامات من  كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة”، و”اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا أنت، رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءًا، أو أجرّه إلى مسلم”.

الاستقامة على الطاعة

الشيطان لا يجد طريقًا لمن يسيرون على صراط مستقيم، فالمحافظة على الصلاة في وقتها، وقراءة القرآن يوميًا، وكثرة الاستغفار، والإكثار من لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله كل ذلك يجعل من النفس حصنًا لا يُخترق.

الإخلاص في القلب وعدم التفاخر بالنعم

لا تُكثر من عرض ما عندك على الناس، فمن نعم الله عليك مالك، وصحتك، وأبناؤك، وبيتك، فلا تُفرط في نشرها دون حاجة، فإن كنت لا تأمن عيون الناس، فاصن نعمتك، واذكر الله عليها.

الإكثار من الدعاء

الدعاء درع المؤمن، فقل دائمًا: “اللهم احفظني من كل شر، واحمني من الحسد والعين”، و”اللهم اجعل لي حولًا منك وقوة، ولا تجعل للناس علي سلطانًا”، وادعُ لأولادك وزوجك وأهلك، فبركة الدعاء تحيط بالبيت كله.

تحصين البيت من الحسد

تشغيل القرآن الكريم يوميًا

المواظبة على تشغيل القرآن الكريم يوميًا في البيت خاصة سورة البقرة، فالنبي ﷺ قال: “لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة” (رواه مسلم)، وكذلك سورة آل عمران، ويوسف، والصافات، والرقية الشرعية عمومًا.

حتى إن لم يكن هناك من يستمع، فالتشغيل فيه بركة، وتطهير للجو العام في البيت.

مسح الأطفال وتحصينهم

يفضل مسح الأطفال وتحصينهم، كما كان يفعل النبي ﷺ مع الحسن والحسين رضي الله عنهما، حيث كان يقول: “أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة”، ويستحب أن يُقرأ المعوذتان والنفث بها على الأطفال وأفراد الأسرة عند النوم.

التنظيف الروحي للبيت

كما ننظف البيت من الغبار، فلننظفه من الغيبة، والنميمة، والغناء المحرم، والمشاهد الفاسدة، فهذه بوابات يفرح بها الشيطان، ويتسلل منها الحسد.

ويجب التنبه من كثرة المقارنات أو الإشادة المفرطة، حتى داخل الأسرة، فالحسد قد يقع بين الإخوة أو الأقارب، وهو ما حدث مع إخوة يوسف، وعلموا أولادكم الشكر، لا الغرور، والاعتدال، لا الفخر.

علامات الحسد التي قد تظهر

أحيانًا، لا ننتبه أننا محسودون، ومن العلامات:

  • الصداع المستمر بلا سبب طبي.

  • اضطراب النوم والكوابيس.

  • تعكر مزاج مفاجئ في البيت.

  • نفور بين الأزواج دون سبب.

  • تراجع مفاجئ في الرزق أو التجارة.

  • ضيق صدر دون مبرر.

وحينها نلجأ للرقية الشرعية، لا للتخمين ولا للوسوسة.

كيف أتصرف لو شعرت أني محسود؟

  • تحصن فورًا بالرقية، واقرأ على نفسك سورة الفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذات، وسورة البقرة قدر المستطاع.

  • استعن براقٍ ثقة إن تعذَّر عليك الأمر، مع الابتعاد عن الدجالين والمشعوذين.

  • لا تتهم الناس جزافًا، فليس كل من نظر إليك هو حاسد، ولا كل من باركك هو كاره، بل أحسن الظن، واهتم بالتحصين دون ظنون.

كيف أقي نفسي من أن أكون حاسدًا؟

الحسد مرض يضر صاحبه قبل غيره، ومن العلاج الإكثار من الدعاء للناس بالبركة، وإذا رأيت نعمة على أحد، فقل: “ما شاء الله، لا قوة إلا بالله”، وتذكر أن الله هو الرازق، وأنه أعطى غيرك كما أعطاك، وأنه قادر أن يسلب النعمة ممن شاء.

خطة للتحصين اليومي

   بعد الفجر أذكار الصباح + سورة البقرة أو تشغيلها + قراءة آية الكرسي.
  أثناء اليوم البسملة عند كل فعل + قول ما شاء الله عند رؤية النعم.
  بعد العصر الاستغفار + التسبيح + لا حول ولا قوة إلا بالله.
   قبل النوم أذكار النوم + قراءة المعوذات + النفث على الجسد.
   أسبوعيًا  قراءة سورة البقرة مرة أو مرتين، تطهير البيت من المعاصي.

في الختام، بعد أن عرفنا إجابة سؤال كيف أحصن نفسي وبيتي من الحسد يوميًا، وعرفنا أن الحسد ليس أسطورة ولا وهْمًا، بل حقيقة قرآنية، وشر  حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم منه، ونعمة الله على عباده عظيمة تستحق الحفظ بشكرها وعدم التباهي بها، كما تستحق التحصين بذكر الله والطاعة واليقين.

فليكن قلبك ذاكرًا، ولسانك شاكرًا، وبيتك طاهرًا، وعقلك واعيًا، فبذلك تحفظ نفسك وأهلك من الحسد، وتعيش في راحة وطمأنينة، لا تهزها عيون حاسدة ولا قلوب حاقدة، فاللهم اجعلنا في درعٍ من ذكرك، وسياجٍ من رضاك، وكنفٍ من لطفك، اللهم احفظنا من شر كل حاسد، ما علمنا منه وما لم نعلم.

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock