حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم... وفضل الذكر - إقرأ يا مسلم
إعرف دينكمواضيع تعبير دينية

حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم… وفضل الذكر

شرح حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم... وفضل الذكر

حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم… وفضل الذكر

كم من عمل بسيط في الجهد عظيم في الأجر يغفل عنه كثير من الناس رغم أنه مفتاح السعادة وطمأنينة القلب؟، إنه الذكر، تلك العبادة الخفية التي لا تحتاج إلى مكان أو زمان، لكنها ترفع الدرجات وتثقل الميزان.

حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم… من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تكشف لنا عن مكانة الذكر وفضله العظيم، فلماذا كان الذكر أعظم الأعمال؟، وكيف يمكن أن يكون جزءًا من حياتنا اليومية؟.

سنتعرف في هذا المقال على شرح هذا الحديث الشريف ونستعرض فضل الذكر وأثره على حياة المسلم في الدنيا والآخرة.

حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم... وفضل الذكر
حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم

شرح حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم:
“أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى”. (رواه الترمذي)

معاني بعض مفردات حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم

أنبئكم: أخبركم.                                         أزكاها: أنماها وأنقاها.

المليك: الملك، وهو الله عز وجل.                    أرفعها: أكثرها ارتفاعًا ورفعة.

الورق: الفضة.                                           

ذكر الله: حفظه واستحضاره باللسان، أو القلب، أو بهما معًا.

شرح الحديث 

استخدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أسلوب يفيض بالإثارة والتشويق ألا وهو أسلوب الاستفهام في عرض رائع وجذاب لما يريد بيانه وتوضيحه للصحابة، فلا تكاد الأسماع تنصت إلى أوله حتى تتنجذب القلوب ويُصبح الكيان كله مشدود لمعرفة بقية الحديث، وما هو العمل الذي ارتقى فضله وعظم أجره حتى أنه جاوز بذل الأموال والأنفس في سبيل الله، فجاءت المفاجأة أن هذا العمل يسيرًا وبسيطًا يستطيع أي شخص أن يفعله حتى في كل أحواله؛ ألا وهو ذكر الله عز وجل، وعن على بن طلحة قال: إن الله تعالى لم يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدًا معلومًا وعذر أهلها في حال العذر، غير الذكر، فإن الله لم يجعل له حدًا ينتهي إليه، ولم يعذر أحدًا في تركه.

فضل ذكر الله

قبل أن نتعرف على فضل ذكر الله دعونا نتعرف على حقيقة الأمر بذكر الله، والأمر بالذكر الكثير، وكيفية الوصول لمرتبة الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.

حقيقة الأمر بذكر الله

أمرنا الله عز وجل بذكره في كل وقت في الصباح والمساء، وفي السفر والإقامة، والبر والبحر، والغنى والفقر، والسلم والحرب، والصحة والمرض، والسر والعلانية، وسواء كنا قائمين أو قاعدين أو على جنوبنا؛ فذكر الله خير ما يشغل به المسلم وقته، ويُطهر به نفسه، ويُحيي به قلبه، وتسمو به روحه، فيتحسن أداء رسالته في الحياة مستشعر معية الله معه دائمًا التي تدفعه إلى لزوم الطاعات، وحسن الأخلاق، وأكل الحلال الطيب، والبعد عن الحرام، وتحجبه عن ارتكاب المعاصي، وسوء الخلق، وأكل الحرام الخبيث مهما كانت الفتن والمغريات.

الذكر يجعل المسلم يبذل ما بوسعه في الطاعة مع ما يُضفيه الذكر على صاحبه من طمأنينة القلب، وصفاء النفس، وسمو الروح طوال حياته دون الشعور بالضعف أو الفتور، فحين يلقى الله عز وجل في الآخرة يكون اللقاء على خير حال يحب أن يلقى الله عليه.

الأمر بالذكر الكثير

لأهمية الذكر وأثره في حياة المسلم، فقد أمر الله عباده بالإكثار منه، فقال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الأحزاب (الآية 41-42): “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا” فلا يوجد أفضل في جلاء القلوب، وصقل الأرواح من كثرة ذكر الله، وقد وعد الله المكثرين والمكثرات من ذكره بالمغفرة، وحسن الثواب، وقال الملك الحق في كتابه الكريم في الآية 35 من سورة الأحزاب: “وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”.

كيفية الوصول لمرتبة الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات

سُئل الإمام تقي الدين ابن الصلاح عن القدر الذي يصير به العبد من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات فقال: إذا واظب على الأذكار المأثورة صباحًا ومساءً، وفي الأوقات والأحوال المختلفة ليلًا ونهارًا؛ كان من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات.

كذلك أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن: “مَن استيقظ مِن الليل، وأيقظ امرأته، فصليا ركعتين جميعًا؛ كُتيبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات” (رواه أبو داود).

كما حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على حضور مجالس الذكر التي يُذكر فيها كلام الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأخبار السلف الصالحين، فقال صلى الله عليه وسلم: “إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا”، قالو: وما رياض الجنة؟ قال: “حلق الذكر” (رواه الترمذي) وذلك لما لها من أثر في تجديد الإيمان، والحث على الازدياد من الخيرات، والتذكير بالآخرة، وتتنزل الرحمات.

فضل ذكر الله وأثره في حياة المسلم

1- أحب الأعمال إلى الله وأزكاها عنده:

ذكر الله من أفضل الأعمال على الإطلاق حيث جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا أنبئكم بخير أعمالكم….” فيوضح هذا الحديث أن الذكر يفوق في فضله حتى الجهاد والصدقة، لأنه عمل يجمع بين إخلاص القلب ودوام الاتصال بالله.

2- طمأنينة القلب وراحة النفس:

الذكر علاج روحي لكل اضطراب نفسي أو قلق حيث قال الله تعالى: “ألا بذكر الله تطمئن القلوب” فالإنسان الذي يذكر الله يشعر بالسكينة، لأن قلبه معلق بخالقه، ويعطيه هذا شعورًا دائمًا بالأمان مهما كانت الظروف المحيطة به صعبة.

3- تقوية الصلة بالله:

الذكر يجعل العبد قريبًا من الله دائمًا ومن يعتاد ذكر الله يجد نفسه مستحضرًا لوجود الله في كل لحظة، فلا يغفل ولا يبتعد عن الطاعة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت” فالذكر حياة للقلب، ومن تركه عاش في غفلة أشبه بالموت.

4- نور للقلب والحياة:

ذكر الله يضيء القلب ويجعل المسلم قادرًا على التمييز بين الحق والباطل، فهو كالشمعة التي تنير طريقه وسط ظلمات الدنيا ويمتد هذا النور يمتد إلى حياته اليومية، فيؤثر في تعاملاته وأخلاقه، وذلك يجعله شخصًا إيجابيًا متفائلًا.

5- الحماية من المعاصي والشهوات:

من يذكر الله باستمرار يجد نفسه بعيدًا عن المعاصي، لأن ذكر الله يجعل القلب حيًا ومتيقظًا، فلا يستطيع الشيطان الاقتراب ممن يذكر الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي… فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح”.

6- ىزيادة البركة في الحياة:

الذكر يجلب البركة في كل شيء سواء في الوقت أو الرزق أو الصحة، فمن يداوم على ذكر الله يجد حياته مليئة بالخيرات، وأن الله ييسر له الأمور ويبارك في كل خطوة يخطوها.

7- رفع الدرجات ومغفرة الذنوب:

الذكر يمحو الذنوب ويزيد الحسنات ويرفع الدرجات يوم القيامة حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قال سبحان الله وبحمده، حُطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر”، فكل كلمة ذكر يتلفظ بها المسلم تكتب له في ميزان حسناته، وتكون سببًا في نجاته يوم القيامة.

8- سهولة العبادة وعدم تقيدها بزمان أو مكان:

الذكر لا يحتاج إلى طهارة أو مكان معين حيث يمكن للمسلم أن يذكر الله وهو جالس، أو مستلقي، أو حتى أثناء العمل، وهذه السهولة تجعل الذكر عبادة مستمرة يمكن أن تكون جزءًا من حياة المسلم اليومية دون عناء.

9- الذكر يميز الذاكرين عند الله:

قال الله في الحديث القدسي: “أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم” فمن يذكر الله يحظى بذكر الله له، وهذا شرف عظيم يرفع مقام المسلم عند الله وعند خلقه.

10- دوام الثواب بلا انقطاع:

الذكر عمل دائم الثواب، فكل مرة يذكر المسلم الله يحظى بثواب عظيم في الدنيا والآخرة، ويظل الأثر مستمرًا حتى بعد انقضاء اللحظة.

ما صحة حديث الأنبيكم بخير أعمالكم؟

الحديث صحيح بمجموع طرقه، وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بأسانيد معتبرة، وذكره الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين.

هل الذكر أفضل من الصدقة؟

نعم، الذكر أفضل من الصدقة، وذلك بناءً على النصوص الشرعية التي تبين فضل الذكر العظيم وأثره البالغ في حياة المسلم بل ويعتبر الذكر من أعظم الأعمال التي تقرب العبد إلى الله، وقد ورد ذلك أيضًا في حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم.

ما معنى أزكاها عند مليككم؟

عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أزكاها عند مليككم”, فهو يعني أن ذكر الله هو العمل الأحب والأطهر الذي يمكن أن يقدمه العبد إلى ربه في هذا العالم وأعظم من غيره من الأعمال في قُربه إلى الله وفضل ثوابه.

هل قراءة القرآن تعتبر ذكراً؟

نعم، قراءة القرآن تُعتبر ذكراً لله تعالى بل هي من أعظم أنواع الذكر وأحبها إلى الله سبحانه وتعالى.

في الختام، وبعد شرح حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وفضل الذكر في حياة المسلم نجد أنه سرٌ من أسرار القرب إلى الله تعالى وأعظم الأعمال التي يمكن أن يتقرب بها العبد إلى ربه، فقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم مكانة الذكر وأثره البالغ في حياة المسلم من حيث تطهير القلب، وزيادة الأجر، ورفعة الدرجات، كما أن الذكر لا يرتبط بمكان أو زمان، ويظل رفيقًا للمؤمن في السراء والضراء.

المصدر

1

زر الذهاب إلى الأعلى
Index

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock